للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأسهم، ويتركونه ينمو ولا يحلقونه على نحو ما كان يفعل اليهود والمصريون١. وكانوا يدهنونه ويمشطونه بالمشط، ويتركونه يتدلى على المنكبين. وقد يضفرونه ضفائر. ومنهم من يضفره ضفيرتين يجعلهما تتدليان على جانبي الوجه. وذكر أن العرب تسمى الخصلة من الشعر أو الضفيرة قرنًا. ولهذا عرف "المنذر بن ماء السماء" جد "النعمان بن المنذر" ب "ذي القرنين" لضفيرتين كانتا في قرني رأسه٢. والعرب تكني عن العربي بالجعدي وعن العجمي بالسبط٣. والجعد من الشعر خلاف السبط، أو هو القصير منه. وهم يعنون بذلك أن سبوطة الشعر هي الغالبة على شعور العجم من الروم والفرس، وجعودة الشعر هي الغالبة على شعور العرب. وكانوا إذا قالوا رجلا جعدًا عنوا رجلا كريمًا، كناية عن كونه عربيًّا سخيًّا، لأن العرب موصوفون بالجعودة. وقد يقصدون بذلك رجلا بخيلًا لئيمًا، فهو من الأضداد. وذكر أن العرب تقول: رجلًا جعدًا، إذا كان قصيرا متردد الخلق. وإذا قالت جعد السبوطة، فإنها تريد بذلك المدح، إلا أن يكون مفلفلا كشعر الزنج والنوبة، فهو حينئذ ذم٤.

وكان الرسول يسدل شعره، ثم فرقه. والفرق أن يجعل شعره فرقتين كل فرقة ذؤابة. والسدل أن يسدله من ورائه ولا يجعله فرقتين٥. وذكر أنه كان يضفره غدائر، والغدائر الضفائر. وكان إذا طال شعره جعله غدائر أربعًا. وكان يكثر دهن رأسه ولحيته ويكثر القناع كأن ثوبه ثوب زيّات. وكان يحب الترجل، وكان يرجل نفسه تارة وترجله عائشة تارة٦. وترجيل الشعر تسريحه.


١ أشعياء، الإصحاح السابع، الآية ٢٠، حزقيال، الإصحاح الخامس، الآية الأولى، قاموس الكتاب المقدس "١/ ٦٨ وما بعدها".
٢ تاج العروس "٤/ ٣٠٧"، "قرن".
٣ تاج العروس "٥/ ١٤٩"، "سبط".
٤ تاج العروس "٢/ ٣٢٠ وما بعدها"، "جعد".
٥ زاد المعاد "١/ ٤٤".
٦ زاد المعاد "١/ ٤٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>