للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد استعملوا الزعفران في صبغ لحاهم وشعورهم. واستعملوا لون الزعفران في صبغ ثيابهم أيضا. وذلك لغلاء ثمن "الزعفران" الطبيعي. كما استعمل "العصفر" في الصبغ، وهو نبات ينبت في جزيرة العرب، إذا صبغ الثوب به قيل: عصفر الثوب به١. كما استعملوا "الكتم" في تخضيب الشعر. وهو نبت يخلط بالحناء ويخضب بالشعر فيبقى لونه. وقد أشار إليه "أمية بن أبي الصلت" بقوله:

وسودت شمسهم إذا طلعت ... بالجلب هفا كأنه كتم

والمكتومة: دهن من أدهان العرب أحمر، يجعل فيه الزعفران أو الكتم. وطبخوا الكتم بالماء واستخرجوا منه مدادًا للكتابة٢.

ويكون الخضاب بالحناء، كما يكون بالحناء والكتم كما ذكرت، وقد يكون بالحناء والوسمة. وتجعل الوسمة الشعر أسود فاحمًا. وكل هذه من النباتات التي تنبت في الحجاز وفي اليمن وفي مواضع أخرى من جزيرة العرب. وقد استعلموا "السواد" ويكون بالوسمة في الغالب لتسويد شعر الجارية والمرأة الكبيرة والشيخ للغش والتدليس، حتى إذا جاء سيد لشراء جارية ظن أن شعرها على هذه الصورة من السواد، أو جاء رجل يطلب المرأة الكبيرة ظن أنها أصغر من عمرها، أو عرض الرجل الشيخ نفسه للزواج، ظهر أصغر من عمره. ونظرًا إلى ما في هذا العمل من غش نهي عنه في الإسلام٣.

وخوفًا من أن يقملوا لبّدوا شعر رءوسهم بالخطمي والصمغ. وقد عرف من يفعل ذلك ب "الملبد". وقيل: إن "الملبد" المحرم، الذي لبد شعره حتى لا يقمل، إذا دخله الغبار بعد العرق٤. وقد كان القمل قد عشش في آباط كثير من الناس، لا سيما الفقراء والأعراب منهم. وفي شعر رءوسهم في المواضع المشعرة من أجسامهم، نظرًا لسوء وضعهم من الناحية الاقتصادية وفقرهم: وعدم تمكنهم من غسل أجسامهم. وقد أشير إلى القمل والتلبيد في الشعر. ذكر أن القمل


١ تاج العروس "٣/ ٤٠٨"، "عصفر".
٢ تاج العروس "٩/ ٣٩"، "كتم"، "٩/ ٩٣"، "وسم"، العقد الفريد "٣/ ٤٩".
٣ ابن قيم الجوزية، زاد المعاد "٣/ ١٨٣ وما بعدها".
٤ المعاني الكبير "١/ ٤٢٦"، تاج العروس "٢/ ٤٩١"، "لبد".

<<  <  ج: ص:  >  >>