للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يضمن الوالد به عيش أولاده، إنما كانت المعيشة سهلة لا تتطلب حاجات كثيرة، ولم تكن بالناس حاجة شديدة إلى النقود، فما يقوم به المرء من مجهود بدني هو أصيلة١ كل إنسان، وبه يعيش، وبه يحصل على ما يحتاج إليه من وسائل معيشة محدودة. فإذا كثر الأولاد، ازادادت وسائل المعيشة، وعاش الوالد عيشة ناعمة طيبة، وحصل بفضلهم على قوة ومنعة.

وقد ذكر أهل الأخبار عددًا من الرجال عرفوا ببنين حصلوا على شهرة وذكر، فكانوا يفتخرون بهم بين الناس. من هؤلاء "سعد العشيرة"، قيل له "سعد العشيرة" لأنه كان يركب في عشرة من أولاده الذكور، فكأنه منهم في عشيرة، فصار مثلًا للرجل يستكثر بأبنائه وعشيرته ويتعزز بهم٢. و "الحارث بن سدوس". وكان له واحد وعشرون ولدًا ذكرًا٣.

ويكون الذكور فخرًا للأمهات وقوة لهن، ويقال للمرأة التي تلد الأولاد الكرماء الأشراف منجبة ومنجاب. "ولم تكن العرب تعد منجبة من لها أقل من ثلاثة بنين أشراف"٤. وتعرف ب "أم البنين" كذلك. ومنهن "أم البنين بنت عمرو بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة"، و "عمرو بن عامر" هو "فارس". ولدت "أبا براء" ملاعب الأسنة، و "طفيلا" فارس قرزل و "ربيعة" ربيع المقترين، و "معاوية" معوذ الحكماء، "سلمى" تزال المضيق، بني مالك بن جعفر بن كلاب٥.

وقد أشار القرآن الكريم إلى نفرة العرب من البنات، وما كان يصاب به الرجل من ضيق صدر ومن همّ إذا بلّغ أن مولوده أنثى، قال تعالى {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ} ٦. ويزداد كربه إذا زاد عدد بناته، وقد يعمدون إلى "الوأد"، أي دفنهن أحياء للتخلص منهن.


١ الأصيلة: رأس المال.
٢ ثمار القلوب "١٠٤".
٣ ثمار القلوب "١٤٢".
٤ المحبر "ص٤٥٥"، تاج العروس "١/ ٤٧٧"، "نجب".
٥ المحبر "٤٥٨"، تاج العروس "٣/ ٤٢٣"، "عمر".
٦ "النحل"، الآية ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>