للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الخمور نوع اشتهر في العراق باسم "الخمور الصريفية" نُسبت إلى قرية "صريفون" عند "عكبراء" في العراق، وإياها عنى الأعشى بقوله:

وتجبى إليه السيلحون ودونها ... صريفون في أنهارا والخورنق

ووصف الأعشى في شعر آخر الخمر الصريفية فقال:

تعاطي الضجيع إذا أقبلت ... بُعَيْد الرقاد وعند الوسن

صريفية طيب طعمها ... لها زبد بين كوب ودن

وذكر بعض العلماء أنها إنما عرفت بصريفية، لأنها أخذت من الدن ساعتئذ كاللبن الصريف١.

وكانوا يضعون خمرهم في زق يحملونه معهم، فأينما يكون الإنسان يكون خمره معه. وقد كانوا يكثرون من استعماله كما يظهر ذلك من روايات أهل الأخبار مع فقر شاربها وعدم وجود طعام عنده. أما في المدن والقرى والحواضر، فهناك خمارات، جمعت إلى الخمر وسائل المتع الأخرى، يقصدها أهل المكان والغرباء للاستمتاع بها، والترفيه عن خاطرهم. وقد هيأت بعض الخمارات المغنين فيها وجلبوا إلى حاناتهم أنواع الخمور.

وكانت الخمارات منتشرة في كل مكان، ولا سيما على الطرق. حيث ينزل بها المسافرون للاستراحة واستعادة النشاط بعد تعب ونصب. وكان بمكة وبسائر القرى خمارات كذلك. أصحابها نصارى ويهود في الغالب. ومعظمهم من غير العرب، وفودا من الخارج للتكسب والعيش فامتهنوا مهنة بيع الخمر وإسقائها للناس. وقد عرفت "الخمارة" بالحانوت. يذكر علماء اللغة أن "الحانوت دكان الخمير". وقد أشير إلى الحانوت في الشعر الجاهلي. وكانت العرب تسمي بيوت الخمارين الحوانيت. وأهل العراق يسمونها المواخير. وورد أن الخليفة "عمر" أحرق بيت "رويشد الثقفي"، وكان حانوتًا يعاقر فيه الخور ويباع٢. وعرفت "الخمارة" بالدكة أيضًا٣.


١ تاج العروس "٦/ ١٦٤"، "صرف".
٢ تاج العروس "١/ ٥٣٩"، "حانوت".
٣ تاج العروس "٩/ ٣٠١"، "دكن".

<<  <  ج: ص:  >  >>