للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذه الأسباب وغيرها رَأَوا أن دراستها تفيد كثيرًا في الوقوف على خصائص السامية القديمة ومزاياها١.

وقد شغل علماء العرب أنفسهم بموضوع اللغة السامية أو لغة سام بن نوح بتعبير أصحّ، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك، ذهبوا إلى البحث في لغة آدام أبي البشر وفي لغة أهل الجنة. وقد سبق لليهود والنصارى أن بحثوا في هذا الموضوع أيضًا، في موضوع لغة آدام أي لغة البشر الأولى، التي تفرّعت منها كل لغات البشر حتى اليوم. وقد ذهب بعض علماء العربية إلى أن العربية هي اللسان الأول، هي لسان آدم؛ إلا أنها حُرّفت ومُسِخَت بتطاول الزمن عليها، فظهرت منها السريانية، ثم سائر اللغات. قالوا: "كان اللسان الأول الذي نزل به آدم من الجنة عربيًّا، إلى أن بَعُد العهد وطال، فحُرِّف وصار سريانيًّا. وهو يشاكل اللسان العربي إلا أنه محرف"٢. وقد أدركوا ما أدركه غيرهم من وجود قرابة وصلة بين العربية وبين السريانية، فقال المسعودي: "وإنما تختلف لغات هذه الشعوب "أي شعوب جزيرة العرب" من السريانيين اختلافًًا يسيرًا"٣.

وقد أخذ علماء العربية نظريتهم هذه من أهل الكتاب. ولما كانت السريانية هي لغة الثقافة والمثقفين، ولغة يهود العراق وأكثر أهل الكتاب في جزيرة العرب في ذلك العهد؛ فلا يستغرب إذن قول من قال إن السريانية هي أصل اللغات وأنها لسان آدام ولسان سام بن نوح.


١ Nicholson, A Literary History of th Arabs, P. XV.
٢ المزهر "١/ ٢٠"
٣ التنبيه "ص٦٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>