للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولها أثر خالد في الشعر، حتى أنهم كانوا يطعمون عند هبوبها. وهي ريح معروفة تقابل الدبور. سميت بذلك لأنها تستقبل البيت وكأنها تحن إليه. قال ابن الأعرابي مهبها من مطلع الثريا إلى بنات نعش. وتزعم العرب أن الدبور تزعج السحاب وتشخصه في الهواء ثم تسوقه، فإذا علا كشفت عنه واستقبلته الصبا، فوزعته بعضه على بعض حتى يصير كسفًا واحدًا، والجنوب تلحق روادفه به وتمده من المدد، والشمال تمزق السحاب١.

ومن وسائل التلطيف من حدة الحر، رش الأرض بالماء. أي نفح المكان بالماء٢. ورش الحصر المنسوجة من جريد النخل أو من الحلفاء أو من غيرها بالماء، حتى تبرد فينام الإنسان عليها، أو تعليقها ونضحها بالماء. فيبرد الهواء الذي يمر من مساماتها بعض الشيء٣. ورش ستر الكرباس والخيش بالماء، ليبرد الهواء الذي يخترق مساماتها، فينعش الجالس أمامها.

وكان الوجوه وأشراف البلد إذا أرادوا الانشراح شربوا وسمعوا القيان، وكان لأكثرهم قيان امتلكوها للترفيه عنهم بالغناء. و"القينة" الأمة المغنية أو أعم. يذكر علماء اللغة، أن اللفظة من "التقين" التزين، لأنها كانت تزين. وذكر أن القينة الأمة والجارية تخدم حسب٤. و"المغنية" هي التي تغني للناس، والتي اتخذت الغناء حرفة لها، تعيش عليها.

ومنهم من يستدعي إليه أصحاب المجون والنوادر والفكاهات والملح للترفيه عنهم. وقد اشتهر بالمزاح رجل اسمه "نعيمان" وكان من أصحاب رسول الله البدريين٥. والمجون ألا يبالي الإنسان بما صنع. والماجن عند العرب: الذي يرتكب المقابح المردية والفضائح المخزية، ولا يمضه عذل عاذله ولا تقريع من يقرعه٦، ولا يبالي قولًا وفعلًا لقلة استحيائه٧.


١ تاج العروس "١٠/ ٢٠٦"، "صبا".
٢ تاج العروس "٤/ ٣١٢"، "رش".
٣ تاج العروس "٣/ ١٤٤"، "حصر".
٤ تاج العروس "٩/ ٣١٦"، "قان".
٥ نهاية الأرب "٤/ ٣".
٦ اللسان "١٣/ ٤٠٠"، "صادر" "مجن".
٧ تاج العروس "٩/ ٣٤١"، "مجن".

<<  <  ج: ص:  >  >>