للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسر يوم بدر، وكان عبد الله بن أُبي أسره، وكان لعبد الله جارية يقال لها: معاذة، فكان القرشي الأسير يراودها عن نفسها، وكانت تمتنع منه لإسلامها.

وكان ابن أُبي يكرهها على ذلك ويضربها، لأجل أن تحمل من القرشي، فيطلب فداء ولده، فقال الله تعالى: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ....} ١

ويرى بعض علماء اللغة أن "المساعاة" تكون في الحرة وفي الأمة. وذهب بعض آخر إلى أنها تكون في الإماء خاصة بخلاف الزنا والعهر، فإنهما يكونان في الحرة وفي الأمة. "وفي الحديث إماء ساعَيْن في الجاهلية. وأتي عمر برجل ساعي أمة. وقيل: مساعاة المرأة أن يضرب عليها مالكها ضريبة تؤديها بالزنا. وفي الحديث: لا مساعاة في الإسلام، ومن ساعى في الجاهلية فقد لحق بعصبته"٢ والمساعاة الزنا٣. وذكر ابن فارس أن المساعاة الزنا بالإماء خاصة٤.

ولم تكن للمسافحة أجور ثابتة، بل كانت تتوقف على المعاملة والتراضي، وقد تكون نقدًا، دنانير أو دراهم، وقد تكون عينًا مثل برد أو أنسجة أو طعامًا أو ما شاكل ذلك، لقلة العملة في ذلك العهد.

ويلحق أهل الجاهلية نسب ولد المساعية بها إذا ولدت، ويكون الولد رقيقًا لمن يملك رقبة الأم إن شاء جعلهم في ملكه وإن شاء باعهم لأن الأمة وما تملك ملك للمالك. وقد تاجر ملاك الرقيق بأولاد الإماء، وربحوا من هذه التجارة ربحًا حسنًا. فلما جاء الإسلام أبطل المساعاة، ولم يلحق النسب بالأمة، وعفا عما كان منها في الجاهلية ممن ألحق بها. وفي حديث عمر: أنه أتي في نساء أو إماء ساعين في الجاهلية، أمر بأولادهن أن يقوموا على آبائهم ولا يسترقوا. فصاروا أحرارًا لاحقي الأنساب بآبائهم الزناة٥. وقد ورد في الحديث: " الولد للفراش وللعاهر الحجر " ٦ وبموجبه حكم الشرع على من ولد من الزنا في الجاهلية وأدرك الإسلام.

ولم يرد في نصوص المسند ذكر للزنا وعقوبة الزاني والزانية عند الجاهليين.

وأقصد بالزنا هنا الزنا الذي يكون بين المحصن والمحصنة أو بين المحصن والبكر،


١ تفسير الطبري "١٨/ ١٠٣"، أسباب النزول "٢٤٧".
٢ تاج العروس "١٠/ ١٧٧"، "سعي".
٣ اللسان "١٤/ ٣٨٧"، "سعا".
٤ الصاحبي "ص٢٦٥".
٥ اللسان "١٤/ ٣٨٧"، "سعا".
٦ إرشاد الساري "١٠/ ١١ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>