للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو بين البنت الحرة والرجل العزب أو الذي لم يتزوج، أي الزنا مع غير الإماء. أما الزنا مع الإماء، فلم يكن الجاهليون يعيبون الإنسان عليه كما بينت ذلك.

ويظهر من بعض الأخبار الواردة عن الزنا أن من الجاهليين من كان يأخذ الفدية عنه. فقد روي أن رجلًا من الأعراب قام فقال: يا رسول الله، أنشدك الله إلا ما قضي بيننا بكتاب الله وائذن لي. فقال رسول الله: "قل" قال: "إن ابني كان عسيفًا على هذا -وأشار إلى أعرابي كان جالسًا إلى جانبه- فزنى بامرأته فافتديت منه بمائة شاة وخادم ثم سألت رجالًا من أهل العلم، فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، وعلى امرأته الرجم لإحصانها". فقال النبي: "والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله جل ذكره: المائة شاة والخادم رد عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام. واغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها ". "فغدا عليها فاعترفت فرجمها"١. وقد كان هذا الحادث بعد نزول الأمر بالرجم. فيظهر منه أن من جملة عقوبات الزنا عند الجاهليين كان أخذ فدية، أو أخذ فدية وتغريب.

واختلاف وجهة نظر الجاهليين إلى الزنا، هو بسبب اختلاف عاداتهم وعرفهم وتعدد قبائلهم، وعدم وجود دين واحد لهم يخضعون جميعًا لحكمه. فلما جاء الإسلام وجعل الزنا من المحرمات، تغير حكمهم عليه، وصار شرعهم في ذلك هو شرع الإسلام.

و"المواخير"، بيوت أهل الفسق ومجالس الخمارين، ومواضع الريبة.

والماخور: بيت الريبة ومن يلي ذلك البيت ويقود إليه٢. واللفظة من الألفاظ المعربة. يرى بعض علماء اللغة أنها معربة عن أصل فارسي "ميخور" "مي خور"، أي شارب الخمر، وذهب بعض آخر إلى أنها من أصل عربي٣. ولكن الصحيح أنها فارسية معربة. وقد كانت المواخير في الجاهلية موجودة في القرى والمدن وعلى طرق التجارة. حيث يأوي التجار وأصحاب الأسفار للراحة، فيجدون أمامهم تلك المواخير. ذكر عن "ابن عباس" في تفسير قوله تعالى:


١ إرشاد الساري "١٠/ ١٧".
٢ اللسان "٥/ ١٦١"، تاج العروس "٣/ ٥٣٤"، "مخر".
٣ اللسان "٥/ ١٦١"، تاج العروس "٣/ ٥٣٤"، غرائب اللغة "٢٤٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>