للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفقدان المال بعد ثراء وغنى وجاه والعلل والأسقام التي تنزل بالإنسان، والكوارث والموت وأمثال ذلك، هي مما يثير الحزن والأشجان في النفس، فتجعل الإنسان يحزن على ما أصابه ويظهر جزعه أو تحمله للآلام أمام الناس، وذلك بمختلف أساليب التعبير عن الحزن الذي نزل بالحزين.

والحزن: الهمّ. وقيل: خلاف السرور. وقد فرّق بعضهم بين الهمّ والحزن. وقال بعض علماء اللغة: الحزن: الغمّ الحاصل لوقوع مكروه أو فوات محبوب في الماضي ويضاده الفرح. وقد سمى رسول الله العام الذي ماتت فيه "خديجة" وعمه "أبو طالب" "عام الحزن"، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين، لما أصابه فيه من همّ وغمّ١.

وللعرب كما لغيرهم من الشعوب مصطلحات وتعابير خاصة، يعبرون بها عن آلامهم وأحزانهم وما يجيش في صدورهم من أحزان. منها تعابير يستخدمها المحزون نفسه تعبيرًا عن حزنه وآلامه الشديدة، ومنها تعابير يستعملها المحزون في الرد على من يتفضل عليه بمواساته للتخفيف عن آلامه، بأن يدعو لهم ويشكرهم على تكليف أنفسهم مشقة المجيء إليه لمؤاساته أو مشاركتهم له في حزنه. ومنها تعابير يقولها المؤاسون للشخص المحزون للتخفيف عن مصابه وللترويح عنه ولإظهار حزنهم له ومشاركتهم له في أحزانه.

كما أن لهم كما لغيرهم علامات وشعارات يظهرونها للناس لإشعارهم بأنهم مصابون بآلام وأحزان، وبحلول نكبات وكوارث بهم. وذلك مثل لبس ألبسة خاصة تكون شعارًا خاصًّا بالحزن، وذرّ الرماد أو التراب على الرأس أو تلطيخ الرأس والوجه بالطين، وترك الشعر ينمو دون حلق ولا إجراء تعديل فيه أو ترك دهنه مدة معينة إظهارًا للحزن على ميت، وما إلى ذلك من علامات، هي ضرورية ولازمة جدًّا، بالنسبة للمحزون أو للمحزونين والمفجوعين ولأصدقائهم، إذ أن إهمالها وتركها هو في نظرهم عيب ومنقصة على المفجوع وعلى أصدقائه وعلى آله على حدّ سواء. ثم هي تقاليد لا بد من مراعاتها والمحافظة عليها.

ومن ذلك أيضًا: النداء وذلك بإعلان شخص عن المصيبة بصوت عال يسمع حتى يشاركه الناس مصيبته أو ليحصل منهم على ما يرجوه من مساعدة.


١ تاج العروس "٩/ ٧٤"، "حزن".

<<  <  ج: ص:  >  >>