للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى هلاكه. تخرج الروح من الأنف أو من الفم وذلك في الموت الطبيعي وفي موت الفجأة. أما إذا كان الموت بسبب جرح، فإن الروح تخرج على ما ذكره الأخباريون من الجرح١. والروح قد تتحول وتصير طائرًا يرفرف فوق قبر الميت يسمى "الهامة" في حالة كون الميت قتيلًا.

واعتقد بعض الجاهليين أن الموت أجل مثبت وأمر معين محتم، وهو لا يأتي إلا في حينه. فإذا جاء الأجل كان حذر الإنسان وجبنه غير دافع عنه المنية إذا حلت به. وذكر أن أول من قال ذلك "عمرو بن مامة" في شعره وفي حديث عامر بن فهيرة:

والمرء يأتي حتفه من فوقه

ولحنش بن مالك بيت في الحتوف، إذ يقول:

فنفسك إحرز فإن الحتوف ... ينبان بالمرء في كل واد٢

وكلمة "الروح" من الكلمات المعروفة عند الجاهليين. وقد صورتها بعض الأخبار الإسلامية حفظة على الملائكة، وجعلت لها وجهًا كوجه الإنسان وجسدًا كجسد الملائكة، ولا يمكن رؤيتها كما لا يمكن رؤية الملائكة٣. بها يعش الإنسان وبها حياة الأنفس. وقد سأل الجاهليون الرسول على ماهية الروح، فنزلت الآية: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} ٤.

ويذكر المفسرون أن سائليه هم اليهود٥ أو أن اليهود علموا المشركين أن يسألوه عن الروح محاولين بذلك إثارة مشكلة للرسول كانت مهمة في أعين الناس يومئذ، مما يدل على أهمية هذه القضية في ذلك العهد.

ويظهر من تمحيص الأخبار الواردة عن الموت والقبر وأشباه ذلك أن عقيدة الجاهليين أن الروح متصلة بالجسد ملازمة له في أثناء الحياة، فإذا وقع الموت انفصلت عن الجسد وفارقته. ثم اختلفوا فيما بينهم في مصير الروح، فمنهم من


١ اللسان "١٠/ ٣٨٢"، تاج العروس "٦/ ٦٤".
٢ اللسان "٩/ ٣٨"، "حتف"، تاج العروس "٦/ ٦٤"، "حتف".
٣ تاج العروس "٢/ ١٤٧"، اللسان "٣/ ٢٨١ وما بعدها".
٤ الإسراء، الآية ٨٥.
٥ الجلالين "١/ ٢٢٠"، الروض الأنف "١/ ١٩٦ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>