للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصلاة الجنائز، هي الصلاة التي تقام على جنازة الميت -أي: الميت وهو في تابوته- ليرسل إلى القبر، وهي صلاة أقرها الإسلام، وقد أفرد لها باب في كتب الحديث والفقه يعرف بـ"كتاب الجنائز"١.

والعادة عند أكثر الساميين السير بسرعة في الجنازة. فيسرع المشيعون الذين يسيرون مع الجنازة إلى موضع القبر في مشيهم للوصول بالجنازة بسرعة إليه. وقد أشير إلى هذه العادة في كتب الحديث٢. والظاهر أن لطبيعة الجو دخل في ظهور هذه العادة.

ويقال لتهيئة الميت ودفنه في القبر "تجهيز الميت". ويقوم الأبناء والأقرباء بوضعه في لحده. وإذا كان الميت عزيزًا كريمًا في قومه سيدًا رئيسًا اشترك الرؤساء في إدخاله القبر، وقد يتنافسون في نيل هذا الشرف، وقد يؤدي هذا التنافس إلى وقوع الشر بين المتنافسين، لأن تجهيز الميت ووضعه في لحده من علامات تقدير الميت وتعظيمه، ومن دلائل قرب من دخل القبر من الميت واتصالهم الوثيق به٣.

ويقال للميت عند وضعه في قبره: "لا تبعد"٤، أي: أنه وإن ذهب عنهم سيكون دائمًا معهم وفي قلوبهم. ولعل هذا التفكير هو الذي حملهم على إخراج حصته مما كانوا يأكلونه ويشربونه يسمّونها باسم الميت، وعلى زيارة قبور الموتى والجلوس عندهم وضرب الخيام حولها، وعلى مناجاة صاحب القبر بذكر اسمه وتحيته، لأن روح الميت في رأيهم حية لا تموت. ولهذا السبب أيضًا كانوا يسقونها بصب شيء من الماء على القبر، كما كانوا ينضحونه بالدم. وبهذا المعنى يفسر ما ورد في الشعر وفي النثر من سقي الغمام للقبر، ونزوله عليه، وما ورد من شرب الخمر على القبر وسكب بعضه عليه. وقد كان العبرانيون يخرجون.


١ صحيح مسلم "٦/ ٢١٩".
٢ إرشاد الساري "٢/ ٢٤٠ وما بعدها".
٣ Hasting, Vol, II, P. ٧٣١
٤ وفي هذا المعنى ورد في شعر مالك بن الريب المزني:
يَقولونَ لا تَبعُد وَهُم يَدفِنونَني ... وَأَينَ مَكانُ البُعدِ إِلا مَكانِيا
بلوغ الأرب "٣/ ١٤ وما بعدها" الأمالي، للقالي "٣/ ١٣٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>