للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعواد". وسبب ذلك على ما يقوله علماء اللغة أن البوادي لا جنائز لهم، فهم يضمون عودًا إلى عود ويحملون الميت عليها إلى القبر وذكر أنه أراد بقوله:

ولقد علمتُ سِوى الذي نبأتِني ... أنَّ السبيلَ سبيلُ ذي الأعوادِ

لو أغفل الموت أحدًا لأغفل ذا الأعواد، وأنا ميت مثله. وذو الأعواد الذي قرعت له العصا، "غويّ بن سلامة الأسيدي"، أو هو "ربيعة بن مخاشن الأسيدي"، أو هو "سلامة بن غوي" على اختلاف في ذلك. قيل: كان له خرج على مضر يؤدونه إليه كل عام، فشاخ حتى كان يحمل على سرير يطاف به في مياه العرب فيجبيها. وفي اللسان: قيل: هو رجل أسن، فكان يحمل على محفة من عود، أو هو جد لأكثم بن صيفي المختلف في صحبته. وهو من بني أسيد بن عمرو بن تميم. وكان أعز أهل زمانه، فاتخذت له قبة على سرير، ولم يكن يأتي سريره خائف إلّا أمن، ولا ذليل إلا عزّ ولا جائع إلا شبع وهو قول أبي عبيدة. وبه فسر قول الأسود بن يعفر النهشلي١.

ويحمل الموتى على "الحرج" أيضًا. والحرج خشب يشدّ بعضه إلى بعض ثم يحمل فيه الموتى٢.

وللعلماء آراء في الجنازة. ذكر بعض منهم أن الجنازة من الجنز بمعنى الستر، وذكر بعض آخر أن اللفظة من ألفاظ النبط، وتعني جنز في لغتهم الإخفاء، ويقصدون بالنبطية لغة بني إرم٣. معنى جملة "جنز الميت" عندهم، وضع الميت على السرير وصلاة الكاهن عليه٤. وذكر بعض العلماء أن الجنازة بالكسر، الميت وبالفتح السرير، وذكر بعض آخر العكس. وذهب فريق آخر إلى أن الجنازة الميت نفسه، لذلك لا تكون جنازة حتى يكون ميت، وإلا، فهو سرير أو نعش. فالجنازة على هذا الرأي، الميت محمولًا على سريره أو نفش، أو تابوت في الاصطلاح الحديث٥. وبهذا المعنى يعبر عن الجنازة في الوقت الحاضر.


١ تاج العروس "٢/ ٤٤٠"، "عود".
٢ المخصص "٦/ ١٣٠ وما بعدها".
٣ تاج العروس "٤/ ١٨".
٤ غرائب اللغة "١٧٧".
٥ تاج العروس "٤/ ١٨"، "جنز".

<<  <  ج: ص:  >  >>