للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيدي الرجال عدة أيام إعظامًا وإكرامًا لتغيبه في التراب"١.

وغسل الجاهليون موتاهم بالخطمي والأشنان٢، وما شابه ذلك من مواد لإزالة الأوساخ عن جسم الميت وتطهيره. كما وضعوا الطيب مع الكفن ليطيب الميت فيذهب مطيبًا إلى قبره.

ويحمل سرير الميت الذي وضع عليه على الأكتاف لإيصاله إلى قبره، ويقال له: "النعش" كذلك. وقد يحمل في محفة، وقد يحمل على الإبل لإيصاله إلى قبره إذا كان القبر بعيدًا. ويتبارى الأقرباء والأصدقاء في حمل نعش الميت احترامًا له وتقديرًا لشأنه. وورد أن "السرير -النعش- قبل أن يحمل عليه الميت، فإذا حمل عليه فهو جنازة"٣.

وذكر بعض أهل الأخبار أن النعش لم يكن معروفًا عند العرب، وأن أول من عمل له النعش "زينب بنت جحش" زوج النبي، أو فاطمة الزهراء، أي في الإسلام. وقد قلد في ذلك أهل الحبشة الذين كانوا يصنعون نعوشًا لموتاهم٤.

وذكر أن "النعش" في الأصل الذكر الحسن. "إذا مات الرجل، فهم ينعشونه، أي: يدركونه ويرفعون ذكره". و"النعش شبه محفة كان يحمل عليها الملك إذا مرض وليس ينعش الميت. وأنشد للنابغة الذبياني:

أَلَم تَرَ خَيرَ الناسِ أَصبَحَ نَعشُهُ ... عَلى فِتيَةٍ قَد جاوَزَ الحَيَّ سائِرا

وَنَحنُ لَدَيهِ نَسأَلُ اللَهَ خُلدَهُ ... يَرُدَّ لَنا مُلكًا وَلِلأَرضِ عامِرا

قال: فهذا يدل على أنه ليس بميت. وقيل: هذا هو الأصل ثم كثر في كلامهم حتى سمي سرير الميت نعشًا. وإنما سمي لارتفاعه، فإذا لم يكن عليه ميت محمول فهو سرير"٥.

وقد كنى "الأسود بن يعفر النهشلي" عن النعش، أي سرير الميت بـ"ذي


١ اليعقوبي "٢/ ١٠" "النجف".
٢ تاج العروس "٨/ ٤٤"، "غسل".
٣ تاج العروس "٣/ ٢٦٥"، "سرر".
٤ المعارف "ص٢٤١".
٥ تاج العروس "٣/ ٣٥٧"، "نعش"، المخصص، لابن سيده، "٦/ ١٣٠ وما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>