للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالتظاهر في اللسان بما يخالف ما في الجنان: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ١.

{وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} ٢.

فالأعراب "البدوي" إنسان لا يُعتمد عليه، مسلم ومع ذلك يتربّص بالمسلمين الدوائر، فإذا خُذل المسلمون في معركة، أو شعر بضعف موقفهم خذلهم وانقلب عليهم، أو اشترط شروطًا ثقيلة عليهم؛ بحيث يجد فيها مخرجًا له ليخلص نفسه من الوضع الحرج الذي أصاب المسلمين. فلا يكلّف نفسه، ولا يخشى من مصير سيء ينتظره إن غلب المسلمون. {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ، وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ٣، والأعرابي لم يُسْلِم في الغالب عن عقيدة وعن فهم، إنما أسلم لأن رئيسه قد أسلم فسيّد القبيلة إذا آمن وأسلم، أسلمت قبيلته معه. وقد دخلت قبائل برُمّتها في النصرانية لدخول سيّدها فيها. وقد وردت في سورة الحجرات هذه الآيات في وصف بعض الأعراب: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ، قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ٤.

وقد استثنى القرآن الكريم بعض الأعراب مما وصمهم به من الكفر والنفاق والتربّص وانتهاز الفرص فنزل الوحي فيهم: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ


١ سورة الحجرات الآية: ١٤.
٢ سورة التوبة، الآية ١٠١.
٣ سورة التوبة، الآية ٩٧ وما بعدها.
٤ سورة الحجرات الآية ١٤ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>