للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ١.

وقد وُصف الأعراب بالغلظة والخشونة، فقيل: أعرابي قُحّ، وأعرابي جِلْفٌ، وما شاكل ذلك. وفي الحديث "من بَدَا جَفَا"، أي من نزل البادية صار فيه جفاء الأعراب٢.

وذكر أن الرسول وصفه "سراقة" وهو من أعراب "بني مدلج" بقوله: "وإن كان أعرابيًّا بوّالًا على عقبيه"٣. وأنه نعت "عُيَيْنَة بن حصن" قائد "غطفان" يوم الأحزاب ب"الأحمق المطاع"٤. "وكان دخل على النبي، صلى الله عليه وسلم، بغير إذن، فلما قال له أين الإذن؟ قال ما استأذنت على مضربي قبلك. وقال: ما هذه الحُمَيراء معك يا محمد؟ فقال: هي عائشة بنت أبي بكر. فقال: طلقها وأنزل لك عن أم البنين. في أمور كثيرة تذكر من جفائه. أسلم ثم ارتدّ وآمن بطليحة حين تنبأ وأخذ أسيرًا فأُتي به أبو بكر، رضي الله عنه، أسيرًا فمنّ عليه ولم يزل مظهرًا للإسلام على جفوته وعنجهيته ولوثة أعرابيته حتى مات".

وذُكر أن "الأعرابي إذا قيل له يا عربي فرح بذلك وهشّ، والعربي إذا قيل له يا أعرابي غَضِب"٥. وذلك لازدراء العرب الأعراب، ولارتفاعهم عنهم في العقل وفي الثقافة والمنزلة الاجتماعية.

وهذه الصفات التي لا تلائم الحضارة ولا توائم سنّ التقدم في هذه الحياة، هي التي حملت الإسلام على اعتبار "التبدّي" أي "التعرب" بعد الهجرة ردّة على بعض الأقوال وعلى النهي عن الرجوع إلى البادية والعيش بها عيشة أعرابية. فلما خرج "أبو ذر" إلى الربذة قال له عثمان بن عفان: "تعاهد المدينة حتى لا ترتد أعرابيًّا". فكان "يختلف من الربذة إلى المدينة مخافة الأعرابية"٦. ولما وصل


١ سورة التوبة الآية ٩٩.
٢ الفاخر "ص٦٥"، بلوغ الأرب "٣/ ٤٢٥".
٣ الروض الأنف "٢/ ٦".
٤ الروض الأنف "٢/ ١٨٨".
٥ تاج العروس "٣/ ٣٣٤"، "الكويت".
٦ الطبري "٤/ ٢٨٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>