للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر بعض أهل الأخبار أن "حمير" تسمي الحاكم "الفتاح" بلغتها١.

والعادة أن الملكية وراثية، تنتقل من الآباء إلى الأبناء، ويتولاها الابن الأكبر في الغالب. فإذا حكم هذا وتوفي، انتقلت إلى ابنه الأكبر، وهكذا. وبذلك يحرم إخوته الآخرون، إلا إذا نص الأب الملك على خلاف ذلك، كأن يذكر اسم الذي سيخلفه، أو يعين جملة أبناء أو أشخاص يحكمون من بعده على التوالي، فإذا توفي الابن الأكبر مثلًا، انتقل الحكم إلى أخيه الذي يليه، وهكذا إلى نهاية الوصية. وقد يوصي المتوفي لأخيه من بعده، أو لإخوته، بدلًا من ابنه أو أولاده، فنظام الحكم إذن نظام وراثي في العادة، ينتقل طبيعة إلى الابن الأكبر للحاكم المتوفي، إلا إذا حدث خلاف ذلك، لوصية يوصيها المتوفي ولرأي يراه، أو لأحوال قاهرة كأن يكون الشخص المتوفي عقيمًا لا عقب له، ففي مثل هذه الحالة ينتقل الحكم إلى أقرب الناس إليه، بحسب وراثة الدم، أو بحسب رأي الأسرة التي ينتمي إليها المتوفي فيكون عندئذ لها وللمسنين والوجهاء الرأي والاختيار٢.

والعادة أن الحكم يكون في الأسر الكبيرة الرفيعة، ينتقل إما من أب إلى ابن على حسب العمر، وإما إلى أخ أو غيره من أفراد الأسرة. وقد ينشب خصام بين أفراد هذه الأسرة في موضوع تولي العرش، ولا سيما في العهود القديمة، حيث لم يكن العرف قد استقر على ضرورة انتقال الحكم من الأب إلى ابنه الأكبر.

فتنقسم الأسرة، وقد يطول انقسامها، عند تكافؤ المتخاصمين واستعانة كل فريق على الآخر بمؤيدين أقوياء، فيدعي حق الحكم له، ويلقب زعيمه بلقب "ملك".

وتفتح هذه الخصومات الأبواب لزعماء الأسر الكبيرة الأخرى، لمنافسة الأسرة الحاكمة على الحكم، فتدعيه أيضًا لنفسها وقد تنجح مدة، وقد تنجح في انتزاعه من الأسر الحاكمة وابتزازه لنفسها.

وقد يقارع تلك الأسر شخصٌ من سواد الناس من المغمورين، وينتزع الحكم من أصحابه، وذلك بفضل كفاية فيه، وقوة شخصية دفعته للتزعم وللطموح.

وفي تاريخ الحكم في العربية الجنوبية أمثلة عديدة على ذلك. وقد يصير هذا الشخص مؤسس أسرة حاكمة جديدة، إذ ينتقل الحكم منه إلى أبنائه أو أعضاء أسرته


١ تاج العروس "٢/ ١٩٥"، "فتح".
٢ Grohmann, S. ١٢٨, Ryckmans, L'institution. P. ٣٩, ٤١

<<  <  ج: ص:  >  >>