كتاب المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام

الفصل الثاني والخمسون: الدولة - الملك - ج: 9 - ص: 193

ولا نعرف في الزمن الحاضر مكانة درجة من يحمل لقب "أخ ملكا" أي: "أخي الملك" الوارد في النصوص النبطية. فلسنا ندري أكانت تعني "وصاية" أو "وزارة" أو مقربًا من الملك، أم تعني أن حامله من الأسرة المالكة١.

ونطلق لفظة "تبع"، والجمع "التبابعة"، على ملوك حمير، تطلقها الموارد الإسلامية في بعض الأحيان على كل ملوك اليمن. فهي في معنى "ملك".

ولا يطلقونها على غيرهم، أي: على الملوك الآخرين من ملوك العرب. فهي إذن اصطلاح خاص بأولئك الملوك. كما اصطلحوا على تسمية كل من ملك الحبشة "النجاشي"، وكل من ملك الروم "قيصر"، وكل من ملك الفرس "كسرى". وقد ذكر علماء اللغة في تفسيرها: "وتبع كانوا رؤساء، سمّو بذلك لاتباع بعضهم بعضًا في الرئاسة والسياسة. وقيل: تبع ملك يتبعه قومه والجمع التبابعة"٢. وورد في القرآن الكريم: "وقوم تبع" في جملة الأقوام التي كذبت فحق عليها وعيد٣.

وذكر بعض أهل الأخبار "أن العرب لم تكن تسمي أحدًا تبعًا حتى يملك اليمن والشحر وحضرموت، وقيل: حتى يتبعه بنو جشم بن عبد شمس".

فإن لم يكن كذلك سمي ملكًا. وأول من لقب منهم بذلك "الحارث بن ذي شمر" وهو الرائش. ولم يزل هذا اللقب ملازمًا لملوكهم إلى أن زالت مملكتهم بملك الحبش اليمن٤.

وذكر أن العرب كانت تسمي الملك "الحصير" كذلك. لأنه محجوب عن الناس، أو لكونه حاصرًا، أي: مانعًا لمن أراد الوصول إليه. قال لبيد:

وَقَمَاقِم غُلبِ الرِقابِ كَأَنَّهُم ... جِنٌّ على باب الحَصيرِ قِيام

ُوالمراد به النعمان بن المنذر. وروي لدى طرف الحصير قيام. أي عند طرف بساط النعمان

---

١ Die Araber I, S. ٢٨٨
٢ المفردات "ص٧١"، اللسان "٨/ ٣١"، تاج العروس "٥/ ٢٨٧"، المحكم "٢/ ٤٤"، صبح الأعشى "٥/ ٢٣"، مجمع البيان، للطبرسي "٩/ ٦٦، العبر "٢/ ١١٢".
٣ الدخان، ٤٤، الآية ٣٧، سورة ق، رقم ٥٠، الآية ١٤، روح المعاني "١٥/ ١١٦ وما بعدها"، الطبري "١/ ٤٠٤"، ابن الأثير، الكامل "١/ ١٥٦ وما بعدها".
٤ صبح الأعشى "٥/ ٤٨٠". ابن خلدون، العبر "القسم الأول من المجلد الثاني"، "ص٩٢ وما بعدها" مروج الذهب "٢/ ٨٨".
٥ تاج العروس "٣/ ١٤٤"، "حصر".