للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الحكم، بل ورد اسم ملك ومعه حفدته يحملون لقب الملك١.

وظاهرة أخرى نراها تظهر، فيها دلالة أيضًا على تناحر الأسر وتقاتلها على الجاه والحكم والسلطان، تتجلى في حكم أسرتين مختلفتين، إحداهما من "حاشد" وأخرى من "بكيل"، وكلتاهما من هَمْدان، وقد حمل كل واحد من رجلي الأسرتين اللقب الرسمي لملوك سبأ. فقد حكم "علهان نهفان" وابنه "شعر أوتر" وهما من "حاشد"، وحكم في الوقت نفسه "فرع ينهب"، وابنه، وهما من "بكيل"، وكان كل واحد منهما يلقب نفسه بألقاب ملوك سبأ. ثم نجد من ذيول هذه الظاهرة منافسة "ظفار" لمأرب، ومبارزة قصر ملوك "ظفار" وهو "ذو ريدان" لقصر ملوك سبأ القديم وهو "سلحن" "سلحين". وفي هذه المنافسة دلالة على تنافس أسرتين على الحكم، كل أسرة تدعي أنها حاكمة سبأ ومالكة مملكة سبأ٢.

وكان من نتائج هذا التطور ظهور حكم لا أود تسميته بـ"حكم لا مركزي"، ولكن أرى تسميته: حكمًا إقطاعيًّا، أو حكم "أمراء الطوائف"، أو حكم رءوس الطوائف. فقد صار الأمر والنهي للأقيال وللأذواء، وللسادات وقادة الجيش، حتى تكاثر عددهم، وحتى صارت لهم كلمة في اختيار الملوك وفي إسقاطهم. ونجد في الكتابات المتأخرة أسماء عدد كبير من هؤلاء الإقطاعيين، دلالة على مكانتها، وخطر شأنها في السياسة العامة، ولم تختف هذه الظاهرة حتى بعد احتلال الحبش لليمن، وحتى بعد طرد الحبش عنها ودخولها في حكم الفرس إلى أيام الإسلام٣.

وكان مما قوى سلطان الإقطاعيين الحروب التي أعلنها الملك "شمر يهرعش" على جيرانه. لقد تمكن من توسيع رقعة سبأ ومن إضافة أرضين جديدة واسعة لها، ومن إحاطتها بهالة من العظمة، ولكنه اضطر من ناحية أخرى إلى إرضاء الإقطاعيين الذين ساعدوه وخدموه في حروبه وأدوا له خدمات كبيرة، فوسع سلطانهم، وقوّى مركزهم، وصيرهم قوة ذات شأن لها سلطان في الدولة،


١ Ryckmans, L'Institution, ٢٠٧, Grohmann, S. ١٣٠, CIH ٣١٤, ٣٩٨, ٩٣٤, Ryckmans, ٢٠٣
٢ Ryckmans, L'Institution, P. ٢٠٧, Grohmann, S. ١٢٩
٣ Grohmann, S. ١٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>