للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك كان أمر قائد قافلة قريش ولا شك. وورد في الكتابات النبطية لقب آخر غير لقب: "زعيم القافلة" هو "زعيم السوق"، سأتحدث عنه فيما بعد١.

وذكر أن من أعمال قريش في الجاهلية، عمل يقال له: "العمارة". وكان إلى "العباس بن عبد المطلب"، بالإضافة إلى السقاية٢. وقد خرجت عليه القرعة يوم الفجار، فنصب رئيسًا على "بني هاشم". وكان من عادة قريش والعرب –كما يزعم أهل الأخبار- أنهم لم يكونوا يملّكون أحدًا عليهم. فإن كان حرب أقرعوا بين أهل الرئاسة، فمن خرجت عليه القرعة أحضروه، صغيرًا كان أو كبيرًا. فلما خرجت القرعة على العباس، وهو صغير، جاءوا به، فأجلسوه على المجن.

و"العمارة" عمارة البيت. وقد عدت من مفاخر قريش وقد أشير إليها في القرآن: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} ٣. وقد ورد أن ممن تولاها "العباس بن عبد المطلب"٤ و"شيبة بن عثمان"٥. وذكر أن "المشركين قالوا: عمارة البيت وقيام على السقاية خيرٌ ممن آمن وجاهد. وكانوا يفخرون بالحرم ويستكبرون به من أجل إنهم أهله وعماره. فذكر الله استكبارهم وإعراضهم"٦.

أما بخصوص نظام الحكم في يثرب، فإنه لا يختلف عن طريقة نظام الحكم في مكة، فلم يكن لأهل يثرب عند ظهور الإسلام رئيس وقد حاول بعض سادتها من الأوس والخزرج تنصيب أنفسهم ملوكًا على المدينة، غير أنهم لم يفلحوا في مسعاهم فلم ينصبوا ملوكًا عليها. والظاهر أن للمنافسة الشديدة العنيفة التي كانت بين الأوس والخزرج على الزعامة والرئاسة يدًا في عدم تمكين أي أحد من سادة يثرب من الانفراد بزعامة المدينة وبالسيادة عليها. وقد يكون لوجود اليهود بيثرب يد في تعميق الخلاف بين "أولاد قيلة"، إذ لم يكن من مصلحتهم اتفاقهم وإجماعهم على اختيار رئيس واحد قوي. فالرئيس القوي سيبسط نفوذه من غير شك على يهود يثرب أيضًا، ويستذلهم ويجعلهم أتباعًا له. أما في حالة تشتت


١ Coode, North – Semitic, P. ٢٧٤, ٢٧٩
٢ الإصابة "٢/ ٢٦٣"، "رقم ٤٥٠٧".
٣ التوبة، الآية ١٩.
٤ تفسير الطبري "١٠/ ٦٧"، الإصابة "٢/ ٢٦٣".
٥ تفسير الطبري "١٠/ ٦٨".
٦ تفسير الطبري "١٠/ ٦٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>