للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان الجاهليون يأخذون الجزية من المغلوبين، وكانت عندهم الضريبة التي تؤخذ عن رءوس المغلوبين، يدفعونها إلى الغالب. فدفعتها القبائل المغلوبة للقبائل الغالبة، على أساس الرءوس.

والظاهر أن المسلمين في صدر الإسلام لم يكونوا يفرقون بين الخراج والجزية، فقد استعملوا الخراج عن الرءوس وعن الأرض كما استعملوا لفظة "الجزية" بمعنى خراج الأرض١، ورد في الحديث: "من أخذ أرضًا بجزيتها"٢.

وأشار الطبري إلى أن "المثنى"، وضع على أهل الحيرة بعد كفرهم وارتدادهم "أربعمائة ألف سوى الحَرَزة"٣. ويذكر علماء اللغة أن "الحرزة" خيار المال؛ لأن صاحبها يحرزها ويصونها. والحرائز من الإبل التي لا تبع نفاسة بها٤.

وجعلها بعضهم "الخرزة".وقالوا: إنها نوع من جزية الرءوس، كانت معروفة في زمن الأكاسرة، يؤديها كل من لم يدخل في جند الحكومة٥.

و"المكس"، دراهم تؤخذ من بائع السلع في أسواق الجاهلية. ويقال لجابي المكس: صاحب المكس، والماكس والمكّاس٦. والمكس الجباية. و"الماكس" الذي يتولى المكس. قال العبديُّ في الجارود:

أيا ابن المعلى خلتنا أم حسبتنا ... صراريَّ نعطي الماكسين مكوسا٧

وكان "الماكس"، ويقال له: العشّار، يشتط في كثير من الأحيان، ويظلم الناس في الجباية، إذ يزيد عليهم في المقدار، فكانوا لذلك مكروهين، حتى لقد ورد في الحديث: "لا يدخل صاحب مكس الجنة"٨.

وقد أشير إلى المكس وإلى الإتاوة التي تؤخذ من أسواق العراق في شعر "جابر بن حُنَي".


١ "والجزية: خراج الأرض" اللسان "١٤/ ١٤٦ وما بعدها" "جزى"، دائرة المعارف الإسلامية "٨/ ٢٨٠"، تاج العروس "١٠/ ٧٣"، "جزئ"، النهاية "١/ ١٩٠".
٢ اللسان "١٤/ ١٤٦"، النهاية "١/ ١٩٠" تاج العروس "١٠/ ٧٣"، "جزى".
٣ الطبري "٣/ ٣٦٤".
٤ تاج العروس "٤/ ٢٤"، "حرز".
٥ الطبري "٣/ ٣٦٤"، ملحوظة "٦"، الوثائق السياسية "٤٢٢".
٦ تاج العروس "٤/ ٢٤٩"، "مكس"، الصاحبي "ص٩٠"، المخصص "١٢/ ٢٥٣".
٧ الحيوان "١/ ٣٢٧"، "هارون".
٨ اللسان "٦/ ٢٢٠"، "مكس"، الصحاح "١/ ٤٧٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>