للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكم خرص نخلك، وفاعل ذلك الخارص. وكان النبي يبعث الخراص لخرص نخيل خيبر عند إدراك ثمرها، فيحزرونه رطبًا كذا وثمرًا كذا١.

وكان أهل الحجاز وبقية جزيرة العرب، يدفعون العشر عن غلات أرضهم.

فلما جاء الإسلام، أقر ذلك، وجعل أرض العرب أرض عشر. ولم يدخلها الخلفاء في أرض الخراج٢.

ويعبر عن الضريبة التي تقابل ضريبة "الكمارك" في مصطلحنا، بلفظة Telos، وبـ Telonion عن "الكمرك"، أي: الموضع الذي تؤخذ به الضرائب "الكمركية" من التجار٣. وكان الرومان واليونان قد أقاموا "كمارك" على حدودهم مع البلاد العربية وضعوا فيها جباة لجباية العرب القادمين من جزيرة العرب للاتجار.

ولما كان من الصعب على الروم جباية العشور والحقوق الأخرى من العرب، وكلوا أمر الجباية إلى سادات القبائل والأمراء في الغالب، ممن يعتمدون عليهم وممن لهم قبيلة قوية تخشاها القبائل الأخرى، وقد كان أمد هذا الإيكال يتوقف على أهمية الشخص ومكانته ومنزلة قبيلته، فإذا مات وترك خلفًا ضعيفًا، أو فقدت قبيلته سلطانها، حتى طمعت فيها قبائل أخرى أقوى منها، ووجدوا ألا أمل لهم في هذا الشخص، فإنهم ينبذونه ويعطون الجباية إلى شخص آخر. وقد كان "سلامة بن روح بن زنباع الجذامي"، أحد من أولى إليهم الروم العشور، وقد هجاه "حسان بن ثابت" فوصفه بأنه "دمية" في لوح باب، وأنه بئس الخفير، وأنه غادر خدّاع، ولا ينفك -أي: جذامي- يغدر ويخدع ما دام "ابن روح" حيًّا٤.

وقد أقر العشر في الإسلام، ولكن بأسلوب آخر، فأخذ من "خثعم"، كما أخذ من أهل "دومة الجندل". وأخذ أيضًا من حمير، فقد جاء في كتاب الرسول إلى رؤسائهم الحارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال والنعمان، قيل: ذي رعين ومافر وهمدان: "وأعطيتم من المغانم خمس الله، وسهم الرسول وصفيه، وما كتب على المؤمنين من الصدقة من العقار، عشر ما سقت العين


١ تاج العروس "٤/ ٣٨٥"، "خرص".
٢ الخراج "٥٨"، النهاية "١/ ١٩٠".
٣ Hastings, P. ٩٤٨
٤ البرقوقي "ص٢١٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>