للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعسف اليمن بهم١.

وقد داخل "كليب بن ربيعة" زهو شديد بعد هذا النصر، وبعد سيادته بني معد، فبغى على قومه، وصار يتعسف في إحماء الحمى، فلا يرعى حماه أحد، ولا يصاد فيه ولا تَرِدُ إبل مع إبله، ولا توقد نار مع ناره، وبقي كذلك حتى قتله "جسّاس بن مرّة الوائلي"، فتوالت الحروب بين تغلب وبكر ووائل بسبب ذلك٢.

وقد اختلف الأخباريون في هذا اليوم، واختلفوا في اسم قائد قبائل معد فيه، واختلفوا في اسم ملك اليمن الذي في عهده وقع، واختلفوا في زمن وقوعه، وفي سببه، فقالوا: إن رئيس معد فيه هو "كليب بن ربيعة"، وقالوا: بل هو زُرارة بن عدس، وقالوا: لا، وإنما هو ربيعة بن الأحوص بن جعفر. ويذكر بعضهم أنه وقع بعقب يوم السلان، وأنه كان لجموع ربيعة ومضر وقضاعة على مذحج وغيرهم من اليمن٣.

وذكر جماعة من أهل الأخبار، أن "الأحوص بن جعفر بن كلاب"، كان على نِزار كلها يوم خزاز، ثم ذكرت ربيعة أخيرًا من الدهر أن كليبًا كان على نزار. وتوسطت جماعة بين الرأيين، فقالت: كان كليب على ربيعة، وكان الأحوص على مضر٤.

وسبب اختلافهم في ذلك هو دور العصبيات القبلية، والنزعات العاطفية عند الرواة. ذكر أهل الأخبار أن جماعة من وجوه أهل البصرة، كانوا يتجالسون يوم الجمعة ويتفاخرون ويتنازعون في الرياسة يوم خزاز، فتعصب كل قوم لرئيس من الرؤساء الذين ذكرت. وقد تحاكموا إلى "عمر بن العلاء" وكانوا في مجلسه، فقال: ما شهدها عامر بن صعصعة ولا دارم بن مالك، ولا جُشَم بن بكر، اليوم أقدم من ذلك، ولقد سألت عنه، فما وجدت أحدًا من القوم يعلم من رئيسهم ومَن الملك٥. وقد أنكر بعضهم أن يكون لكليب بن ربيعة دور


١ ابن الأثير "١/ ٢٣٨"، صبح الأعشى "١/ ٣٩".
٢ صبح الأعشى "١/ ٣٩١".
٣ العمدة "٢/ ٢١٢"، المحبر "ص٢٤٩"، العقد الفريد "٦/ ٩٨" "طبعة العريان".
٤ البلدان "٣/ ٤٣٨ وما بعدها"، العمدة "٢/ ٢١٢" "محمد محيي الدين عبد الحميد".
٥ العقد الفريد "٦/ ٩٧ وما بعدها"، نهاية الأرب "١٥/ ٤٢٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>