للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إمهالهم والتخفيف عنهم. فما كان منه إلا أن منعهم النُّجْعَة والمرعى، فنقموا منه، وأصابهم من ذلك بلاء، فغضب عليه رجل منهم من بني "تيم الله"، اسمه زيابة، واندس إليه وهو نائم فطعنه، وظن أنه قتله، ورجع إلى قومه فأخبرهم بخبره، ولكن "زهيرًا" لم يصب بسوء، ونجا من الطعنة، وكان قد أخمد أنفاسه ولم يتحرك حتى يوهم "زيابة" أنه قتله ومات، ثم أوعز إلى حاشيته أن يعلنوا أنه مات، وشاع خبر موته بين الناس ولكنه كان قد فرَّ مع حاشيته إلى قومه، حيث جمع جمعهم، ثم هجم بهم على بكر وتغلب، وقاتلهم قتالًا شديدًا أدى إلى هزيمة بكر، ثم إلى هزيمة تغلب من بعدها، وأسر "كليبًا" و"مهلهلًا" ابني ربيعة، وجماعة من أشراف تغلب. فتأثرت قبائل ربيعة من هذه الهزيمة، وعينت "ربيعة بن مُرّة بن الحارث بن زهير التغلبي"، والد "كليب" و"مهلهل" رئيسًا عليها، فحمل ربيعة ومن انقاد إليه على زهير، واسترجع الأسرى، ولكن زهيرًا لم يلبث أن عاد إلى ما كان عليه من جمع الإتاوة من معد ١.

وإذا أخذنا برأي الأخباريين القائلين: إن تعيين زهير بن جناب على بكر وتغلب ابني وائل كان بأمر أبرهة الذي غزا نجدًا، وتوسع فيها، فجاءه زهير ليتقرب إليه، وليعينه على بعض القبائل، يكون حكم زهير على هذا القول في القرن السادس للميلاد٢.

وفي عهد رئاسة "كليب بن ربيعة"، جددت قبائل ربيعة محاولاتها للتخلص من حكم اليمن. وكان "كليب" شخصية قوية، فاختارته قبائل معد رئيسًا عليها، واجتمعت تحت لوائه، والتقت باليمن في "يوم خزاز"، فانتصرت معد فيه، وعد من أيامها الكبرى قبل الإسلام٣. ونظرت معد إلى كليب نظرة تجلة واحترام، وجعلت له قسم الملك وتاجه وطاعته؛ لأنه وحَّدهم وأنقذهم من


١ المحبر "٢٤٩"، ابن الأثير "١/ ٢٣٨".
٢ ابن الأثير، الكامل "١/ ٢٠٥".
٣ "خزاز" ورد أيضًا "خزازي"، العقد الفريد "٦/ ٩٧" "تحقيق العريان" ابن رشيق، العمدة "٢/ ٢١٢"، "طبعة محمد محيي الدين عبد الحميد"، تحت "باب ذكر الوقائع والأيام".

<<  <  ج: ص:  >  >>