للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسفاح التغلبي، وهو سلمة بن خالد بن الجرارين للجيوش، وقد قاد قومه يوم كاظمة، وقيل له السفاح؛ لأنه سفح المزاد أي صبَّها في ذلك اليوم حتى يقاتل قومه قتال المستميت، وكان من خطباء حرب بكر وتغلب١.

وذهب بعض أهل الأخبار إلى أن يوم خزاز هو "أعظم يوم التقت فيه العرب في الجاهلية"٢. وهو رأي يعبر عن وجهة نظر العدنانيين بالطبع، ففي هذا اليوم انتصرت نزاز ومن انضم إليها من قبائل مذحج ومن انضاف إليها من قبائل اليمن ولم يسبق لقبائل نزار، وهي مضر وربيعة وبقية معد أن تغلبت على القبائل الكبرى المنظمة المنتمية إلى اليمن. فكان يوم نصرها هذا من أعظم الأيام عندها، بعث فيها روح المقاومة والاعتماد على النفس في مقاومة القبائل القوية التي تنسب نفسها إلى اليمن.

وإذا أخذنا برأي القائلين: إن يوم خزاز كان عقب يوم السلان، يكون هذا اليوم قد وقع أيام النعمان بن المنذر، أي في أواخر أيام المناذرة وفي النصف الثاني من القرن السادس للميلاد، إذا يذكر الأخباريون أن سببب وقوع يوم السلان هو أن بني عامر بن صعصعة كانوا قومًا حمسًا، أي متشددين في دينهم، لقاحًا لا يدينون للملوك, وكان من عادة النعمان بن المنذر أن يجهز كل عام لطيمة لتباع بعكاظ، فتعرَّض لها بنو عامر، فغضب النعمان، وبعث عليهم وَبْرة الكلبي أخاه لأمه ومعه الصنائع والوضائع وجماعة من بني ضبة بن أد والرباب وتميم، وانضم إليهم ضرار بن عمرو وأولاده، وهم فرسان شجعان، وحبيش ابن دلف، وطلب منهم أن يذهبوا إلى عكاظ فإذا فرغوا من البيع، وانسلخت الأشهر الحرم، قصدوا بني عامر بنواحي السلان.

فلما فرغوا من عكاظ. علمت بخطتهم قريش، وأرسل عبد الله بن جُدعان قاصدًا أخبر بني عامر بغرض القوم، فحذروا وتهيئوا للحرب. وتحرزوا ووضعوا العيون، وسلموا قيادتهم لفارس شهير معروف هو عامر بن مالك المعروف بملاعب الأسنة، فلما التقوا تغلبوا على قوة النعمان وهزموها، وأخذوا وبرة أسيرًا. ولم يفكوه من أسره إلا بألف بعير وفرس٣.


١ الاشتقاق "ص٢٠٣"، المحبر "ص٣٠٠".
٢ البلدان "٣/ ٤٢٨ وما بعدها".
٣ البلدان "٥/ ١٠٤"، "يوم السلان"، ابن الأثير، الكامل "١/ ٢٦٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>