للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في مواطنيه، وجعلتهم يوسعونها ويكبرونها إلى أن صنعوها بقصصهم بهذا الشكل الذي وصل إلى الأخباريين، بنقلهم الرجال من عالم الحقيقة إلى عالم الخرافة والخيال.

لقد خلدت تلك الأيام أسماء رجال أثروا تأثيرًا مهمًّا في الحياة السياسية البدوية، لقد أنجز بعضهم أعمالًا لم تنجزها قبائلهم، فتمكنوا من بسط نفوذهم على كثير من القبائل ومن جمعها تحت رئاسته بفضل زعامته وشخصيته. فهذا زهير بن جناب الكلبي تجتمع عليه قضاعة وتنضوي تحت لوائه، ويفرض الإتاوة على قبائل أخرى من غير قضاعة، ويحارب غطفان وبكرًا وتغلب وبني القين بن جسر، وهي من القبائل الكبيرة المعدودة، ثم ينتصر عليها١. وهذا كليب بن وائل وهو من معاصري زهير بن جناب ومن المنافسين له، ومن رجال النصف الأول من القرن السادس للميلاد، يجمع شمل قبائل ربيعة -وهي قبائل متنافرة متخاصمة- تحت رايته، ثم يجمع شمل معد ويضمها كلها إليه، فتكون له الرئاسة على كل قبائلها، وهو بذلك أحد النفر الذين اجتمعت عليهم معد٢.

ومن النفر الذين اجتمعت معدّ عليهم: عامر بن الظرب بن عمرو بن بكر بن يشكر بن الحارث -وهو عدوان بن قيس عيلان- وربيعة بن مرة بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن كلب، وكان قائد معدّ يوم السلان بين أهل اليمامة واليمن٣.

ولمع في هذه الأيام اسم حذيفة بن بدر، واسم حمل أخيه، وكان سيّدي بني فزارة. وقد عرف حذيفة بـ"رب" معد٤، وقاد قومه بني فزارة في عدة أيام، هي: يوم النسار، ويوم الجفار، وحرب داحس والغبراء حيث قُتل فيها في يوم الهباءة٥.

وقد رأينا عدة رجال آخرين يتزعمون قومهم في هذه الأيام، مثل بسطام بن قيس رئيس بني شيبان، وهو من مشاهير الفرسان، وأحد الفرسان الثلاثة المعدودين، وهم: عامر بن الطفيل، وعتيبة بن الحارث وبسطام، وربيعة بن مُرة بن


١ ابن الأثير "١/ ٢٠٥ وما بعدها"، الأغاني "٢١/ ٩٣ وما بعدها"، المفضليات "١١٧"، Ency., Iv, P.١٢٣٧
٢ ابن الأثير "١/ ٢١٣".
٣ ابن الأثير "١/ ٢١٤".
٤ العمدة "٢/ ١٩٢" "باب ذكر الوقائع والأيام"، المحبر "٤٦١".
٥ المحبر "٢٤٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>