للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند العرب حتى الآن، فهم يحفظون أنساب خيولهم حفظًا عجيبًا، من غير رجوع إلى جريدة نسب أو شجرة من شجرات النسب. كما يحافظون على النسل الجيد من الخيول العربية، ويعتنون به عناية فائقة، إذ يرون أنه زينة وبهجة للمرء، ومن ملذات الحياة في هذه الدنيا.

ومن دلائل عناية الجاهليين بالخيل ما نجده في اللغة من ألفاظ وكلمات كثيرة تخص الخيل. تخص أسماءها وأسماء أعضاء جسمها وحركاتها وسكناتها وأوصافها وألوانها، حتى إنهم لم يتركوا شيئًا له علاقة بها إلا ذكروه. فلا عجب إذن إذا ما ألفوا فيها الرسائل والكتب وتحدثوا عنها حديثًا طويلًا في الجاهلية وفي الإسلام.

وقد اشتهرت بعض الجياد في الجاهلية بشدة عَدوها فلا تدانيها في العدو خيول أخرى، وفي مقدمتها فرس عرف بـ"زاد الركب" "زاد الراكب"، قالوا: إن أصل فحول العرب من نتاجه. وقد زعم ابن الكلبي أنه من بقية جياد سليمان بن داود، وأن وفدًا من "الأزد"، وكانوا أصهاره، وفدوا عليه، فلما فرغوا من حوائجهم سألوه أن يعطيهم فرسًا من تلك الخيل، فأعطاهم فرسًا كانوا لا ينزلون منزلًا إلا ركبه أحدهم للقنص، فلا يفلته شيء وقعت عينه عليه من ظبي أو بقر أو حمار، إلى أن قدموا بلادهم فقالوا: ما لفرسنا هذا اسم إلا زاد الراكب، فسموه زاد الراكب، فأصل فحول العرب من نتائجه١.

واشتهر فرس آخر بسرعته وبشدة عدوه اسمه "أعوج"، زعم أنه من نسل "زاد الراكب". قيل: إنه كان سريعًا جدًّا لا يدانى في العَدْو. وكان فحلًا لغني بن أعصر. وقد عرف بـ"أعوج الأكبر"٢.

وكان "أعوج" الأصغر أوَّلًا لكندة، ثم أخذته "سُليم" وصار لبني عامر ثم لبني هلال. وأمه "سبل" لغني، وأم "سبل" "سوادة" "البشامة"، وأم "سوادة" "القسامة"، وكانت لجعدة. وكان أعوج طويل القوائم سريع العدو. ولهم أيضًا "الفياض"٣. وقد اشتهر نسله، واكتسب شهرة في العتاق من


١ العقد الفريد "١/ ١٨٤"، نهاية الأرب "١٠/ ٣٩"، أسماء الخيل، لابن الأعرابي "ص٥٠"، "زاد الركب".
٢ العقد الفريد "١/ ١٨٥"، نهاية الأرب "١٠/ ٣٩"، بلوغ الأرب "٢/ ١٠٤".
٣ نهاية الأرب "١٠/ ٤٠"، العمدة "٢/ ٢٣٤"، "وأمه سبل كانت لغني، وأم سبل البشامة، كانت لجعدة"، العمدة "٢/ ٢٣٤"، "القاهرة ١٩٦٤" "المكتبة التجارية".

<<  <  ج: ص:  >  >>