للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقل فنذلّ١.

وللحرب عند الجاهليين أسباب عديدة، يدخل في ضمنها ضنك العيش في البادية مما يحمل القبائل على التناحر والتقاتل فيما بينها للحصول على الماء والكلأ، وهما عماد الحياة في البادية، أو الحصول على غنيمة٢. ويعبر عن هذه الحروب بـ"الغزو". والواحدة "غزو", وهي تعتمد على مبدأ المباغتة في

الغالب. أما الحروب، فإنها الحروب الكبيرة التي تقع بين دول وحكومات. كما أن الغارة، هي غزو مفاجئ يفاجئ به العدو عدوّه، ليأخذه على غرة، ولينتزع منه ما يجده عنده من مال.

وقد كانت القبائل تغير بعضها على بعض، ثم تتراجع حاملة ما حصلت عليه من غنائم وأسلاب، وقد ترجع، وهي مسلوبة مهزومة، في حالة تمكن من أريد إيقاع الغارة به من الدفاع عن نفسه، ومن تغلبه على المغير ورده خائبًا على الأعقاب.

وتكون الغارات في وجه الصبح في الغالب، حتى يؤخذ من يراد الإغارة عليه بغرة ويفاجأ بالغارة مفاجأة. وقد يقصد في الليل من غير أن يعلم، فيؤخذ بغتة، والاسم "البَيات". و"بيت القومَ والعدوَّ: أوقع بهم ليلًا"٣. وقد أشير إلى "البيات" في الحديث. فقد كان المسلمون يصيبون في البيات من ذراري المشركين، فسألوا الرسول حكمه فيهم. فكان حكمه: "هم منهم" و"هم من آبائهم"٤.

والغارة دفع الخيل على من يراد الإغارة عليهم. يقال: أغار على القوم غارة وإغارة، دفع عليهم الخيل. فتكون الغارة بالخيل في الأخص. ويقال: أغار إغارة الثعلب، إذا أسرع ودفع في عدوّه٥. فالغارة غير الغزو والحرب، تكون سريعة في الغالب، يعقبها رجوع سريع.


١ المصدر نفسه "١/ ١٢١".
٢ كتاب الفاخر "ص٤٩"، "ليدن ١٩١٥م".
٣ اللسان "٢/ ١٦"، "بيت"، تاج العروس "١/ ٥٣١"، "بيت".
٤ صحيح مسلم "٥/ ١٤٤ وما بعدها"، "باب جواز قتل النساء والصبيان في البيات من غير تعمد".
٥ تاج العروس "٣/ ٤٥٨"، "غور".

<<  <  ج: ص:  >  >>