للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا أحسن إنسان بوجود غارة، أو رأى قومًا يتقدمون لمفاجأة قومه بغارة، فعليه الإسراع لإبلاغ قومه بها قبل أن يفاجئهم العدو بغارته وهو على غير استعداد لها، وكان من عادتهم أن الرجل إذا رأى الغارة قد فاجأتهم وأراد إنذار قومه تجرد من ثيابه وأشار بها ليعلم أن قد فاجأهم أمر. ويقال لذلك الرجل: "النذير العريان"، ثم صار مثلًا لكل أمر يخاف من مفاجأته١.

ويقال للشخص الذي ينذر قومه بدنو عدو منهم، ويزحف مغيرًا عليهم: "الصريخ"٢. يسرع "الصريخ" إلى قومه قدر إمكانه ليبلغهم بخبر ذلك العدو قبل مباغتته لهم. ونظرًا إلى ما للصريخ من أهمية بالنسبة إلى نتائج الغزو، يتخذ المغيرون كل وسائل الحذر والتكتم والبحث عن النذر والصريخين لكيلا يفلتوا منهم فيذهبوا إلى قومهم وهم هدف الغزو أو إلى غيرهم ممن قصدوا بالغزو فيحذرونهم منهم، ويكونوا عندئذ في حالة تأهب واستعداد لمقابلة المغيرين، أو لمباغتتهم بهجوم معاكس عليهم، أو بنصب كمائن لهم قد تلحق أذى بهم، وقد تؤدي إلى عكس ما قصد من ذلك الغزو.

ويعبر عن المباغتة والمفاجأة وأخذ العدو على حين غرة بحيث لا يشعر إلا والعدو يهاجمه بلفظة "بحض" في السبئية٣.

ويُقال لمن ينذر قومه بقرب وقوع غزو وبدنو عدوّ منهم: "القاصد". و"القاصد"، هو من يقصد أحدًا طلبًا لحاجة، أو تسهيلًا لأمر، أو لإجراء وساطة.

وكانوا إذا أرادوا حربًا، وتوقعوا جيشًا عظيمًا، وأرادوا الاجتماع أوقدوا ليلًا على جبل أو أي مرتفع من الأرض نارًا، ليبلغ الخبر أصحابهم. وإذا جدوا في جمع عشائرهم إليهم أوقدوا نارين. وقد عرفت هذه النار بنار الحرب٤.

وقد استعانت الحكومات بحماية حدودها بوضع قوات عسكرية في المواضع العسكرية الخطيرة التي تكون لها أهمية كبيرة من الوجهة "السوقية" في تعبئة الجيش للحرب وعرفت مثل هذه المواضع بـ"المناظر". وهي مواضع تقيم بها حاميات تراقب


١ الفاخر "ص٧٠"، تاج العروس "١٠/ ٣٤١"، "عرى".
٢ اللسان "٣/ ٣٣ وما بعدها"، "صرخ"، نهاية الأرب "١٧/ ١٢٦".
٣ Jamme ٥٧٦, Mahram, P.٤٢٨
٤ الحيوان "٤/ ٤٧٤"، "هارون".

<<  <  ج: ص:  >  >>