للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد لبس محاربو اليونان والساسانيون ألبسة واقية خاصة لتقي جسمهم من ضربات السيوف وطعن الرماح ومن تساقط السهام عليهم، كما حموا أرجلهم وأفراسهم أيضًا بأوقية خاصة. بعضها من جلد وبعضها من أقمشة أو من معدن. وقد استخدموا ملابس خاصة صنعت من الزرد, أي: من حلقات معدنية، وتدرعوا بألواح من معدن حموا بها أجسامهم، وبألواح من الجلود الثخينة المدبوغة دبغًا خاصًّا لتقاوم الضربات، وغطوا بها أجسام خيولهم في بعض الأحيان لئلا تصاب، فيسقط بسقوطها الفارس، ويعجز عن القتال.

وقد اشتهرت "ترسة الروم" بكبرها وبشدتها، وقد أشير إليها في شعر "ابن مقبل"١.

ومن عادات العرب في الحروب إنذار من يريدون محاربتهم، كأن يقولون لمن يريدون محاربته: إنا ننذرك بحرب. وهم يفتخرون بذلك، إذ يرون أن الإنذار بالحرب من سيماء القوة والشجاعة، ومن علامات عدم المبالاة بالعدو. وأن المباغتة من علامات الجبن والضعف. وقد ينذرون عدوهم ويتواعدون معه على الالتقاء في زمن معين وفي مكان معين للحرب. فإذا جاء الأجل التقوا في المكان المعين وتحاربوا فيه.

وتبدأ الحرب عادة بإعلان حالة النفير, أي: حالة التجمع والتهيؤ للقتال أو الذهاب إلى الحرب. ويكون ذلك بالتبويق. أي: بالنفخ ببوق من معدن أو قرن حيوان أو آلة من خشب، أو بدق الطبول والدفوف أو بضرب أعواد من خشب، أو بالصياح لإعلام الناس بدنو عدو أو ظهور خطر أو استعداد للقيام بغزو ما، فيتجمع عندئذ كل قادر على القتال متمكن منه، حاملًا معه كل ما يحتاج إليه من معدات للقتال، راكبًا أو راجلًا، لأخذ دوره فيه، والقيام بالعمل الذي يوكل به إليه. وقد يلحق النساء بالمقاتلين. فيقمن بإعداد الطعام لهم وما يحتاجونه إليه من خدمات وليس لهؤلاء المقاتلين من أجور ومرتبات غير الغنائم التي تصيبهم والأسلاب التي تقع في أيديهم، فتكون ملكًا لهم؛ لأن القتال واجب على كل مواطن متمكن محتم عليه، والامتناع منه جبن ومخالفة لقوانين المجتمع وأعرافه.

وللجيوش: ألوية, ورايات يحملها أشجع المقاتلين والمعروفون بصبرهم على القتال.


١ ديوان ابن مقبل "ص٢٧٧" "تحقيق الدكتور عزة حسن".

<<  <  ج: ص:  >  >>