للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يختفي في موضع حصين لا يرى على طرف أو طرفي وادٍ أو ممر جبل، فإذا مرَّ الجيش من ذلك الوادي انقض المختفون عليه ويعبر عن المخبأ بـ"مغون" في السبئية١.

ويقال للعين الذي يذهب يربأ أهله "الربيئة" و"الطليعة". وهو الذي ينظر للقوم لئلا يدهمهم العدو، وذكر علماء اللغة أن الربيئة لا تكون إلا على مربأ من الأرض، أي: على جبل أو شرف ينظر منه٢.

ويبذل القائد كل ذكائه وفنه في خداع خصمه في الحرب، للتغلب به عليه.

وفي الحديث: "الحرب خدعة"٣. وذلك بأن يتظاهر القائد بعمل شيء، بينما هو ينوي شيئًا آخر. وقد كان الجاهليون يتفننون في خداع أعدائهم للتغلب عليهم. كما كانوا يستشيرون الناس في إدارة الحرب، يستشيرون الشجعان المتمرسون بالحرب، كما كانوا يستشيرون من عرف بالجبن، ثم يخلصون بين الرأيين. وذلك لما للرأيين من أهمية في إدارة الحرب٤.

ولقريش عادات في الحرب. فلها "القُبّة"، وكانت تضربها، وتجمع إليها ما يجهزون به الجيش. ولها "الأعنة"، ويكون صاحبها على خيل قريش في الحرب. ولها "السفارة" وذلك أنهم كانوا إذا وقعت بينهم وبين غيرهم حرب بعثوا سفيرًا عنهم ليتفاوض٥. وكان "خالد بن الوليد" متولي "القبة" و"الأعنة" و"السفارة" عند ظهور الإسلام. وكان لها ما يسمى بـ"حلوان النفر"، فإن العرب لم تكن تملك عليها في الجاهلية أحدًا. فإن كانت حرب، أقرعوا بين أهل الرياسة، فمن خرجت عليه القرعة، أحضروه صغيرًا كان أو كبيرًا. فلما كان يوم الفجار، أقرعوا بين بني هاشم، فخرج سهم العباس، وهو صغير، فأجلسوه على المجن٦.

ويتصايح المحاربون بشعاراتهم، إذ كان لكل قبيلة شعار ينادون به، ويحافظون


١ Jamme ٥٧٧, Mahram, P.٤٤٠.
٢ اللسان "١/ ٨٢"، تاج العروس "١/ ٢٣٦ وما بعدها"، "طبعة الكويت".
٣ العقد الفريد "١/ ١٢٢"، صحيح مسلم "٥/ ١٤٣"، "باب جواز الخداع في الحرب".
٤ العقد الفريد "١/ ٩٥".
٥ العقد الفريد "٣/ ٣١٤".
٦ العقد الفريد "٣/ ٣١٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>