للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنه من عهد إرم وعاد، أو كأنه في الحكم من عاد١.

وقد ضرب المثل في القرآن الكريم بقدم "قوم نوح" وقوم "عاد وثمود" حتى إن أخبارهم خفيت عن الناس فلا يعلمها إلا الله: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ} ، وفي ذلك دلالة على أن الناس في أيام الرسول كانوا يرون أن الأقوام المذكورة هي من أقدم الأقوام، ولهذا ذُكّروا بهم للاتعاظ٢.

وقد ورد ذكر عاد في الكتاب الذي وجهه "يزيد بن معاوية" إلى أهل المدينة يهددهم فيه بمصير يشبه مصير" عاد وثمود"؛ حيث ينزل بهم عقابًا شديدًا ويصيّرهم حديثًا للناس، "وأترككم أحاديث تنسخ بها أخباركم مع أخبار عاد وثمود"٣. وقال: سبيع" لأهل اليمامة: "يا بني حنيفة بعدًا كما بعدت عاد ثمود"٤.

وضُرب المثل برجل من "عاد" اسمه "ابن بيض"، زعموا أنه كان من عاد، وكان تاجرًا مكثرًا عقر ناقة له على ثنية، فسدّ بها الطريق على السابلة، فضُرب به المثل٥.

وزعم أهل الأخبار أن رجلًا غنيًّا من بقية "عاد" اسمه "حمار" كان متمسكا بالتوحيد، فسافر بنوه، فأصابتهم صاعقة فأهلكتهم، فأشرك بالله وكفر بعد التوحيد، فأحرق الله أمواله وواديه الذي كان يسكن فيه فلم ينبت بعده شيء.

ويزعمون أن "امرأ القيس" الشاعر ذكر ذلك الوادي في شعر له٦.

ويذكر أهل الأخبار أن المكان الذي كان فيه "حمار" المذكور هو "جوف"، وهو موضع في ديار عاد، وقد نسب إليه، فقيل "جوف حمار"، نسبة إلى


١ الإكليل"١/ ٨٩ وما بعدها".
٢ التنبيه والإشراف "ص٨٢".
٣ عيون الأخبار، لابن قتيبة "١/ ٢٠٢".
٤ المصدر نفسه "١/ ٢٣٣".
٥ ورد في شعر بشامة بن عمرو:
كثوب ابن بيض وقاهم به ... فسد على السالكين السبيلا
المفضليات "ص١٦" "طبعة السندوبي".
٦
ووداد كجوف العبر قفر قطعته ... به الذئب بعوي كالخليع المعيل
شرح المعلقات السبع، للزوزني، "ص٢٨" "طبعة دار صادر".

<<  <  ج: ص:  >  >>