للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

rhodomantys تركتا موطنهما الأصلي، وارتحلتا إلى هذا المكان الذي ضم مئات من القبائل العربية، فكانتا من أقواها. وقد سكنتا في رأيهم، على مقربة من موضع سماه "بلينيوس" stygis aguniae fossa١.

أما الأخباريون الذين زعموا أن "هودًا" اعتزل قومه بعد يأسه من قبول دعوته، وأنه ذهب مع من آمن به إلى مكة؛ فقد ذهبوا إلى أنه عاش فيها أمدًا، ثم مات هناك، فقبره بمكة مع قبور ثمانية وتسعين نبيًّا من الأنبياء٢.

وذكر جماعة أنه بدمشق في المسجد الأموي٣. ولعلّ القصص الوارد عن "دمشق"، وأنها "إرم ذات العماد" هو الذي أوحى إلى هؤلاء فكرة جعل قبر "هود" بدمشق. ومهما يكن من شيء فإن هناك جماعة من أهل الأخبار قبرت بعض الأنبياء في هذه المدينة، واختارت المسجد الأموي نفسه مقبرة لهم. ولعلّ ذلك بسبب أن هذا المسجد كان كنيسة معظّمة قديمة عند أهل دمشق قبل دخولهم في الإسلام، وكان قد قبر فيها جماعة من قديّسيهم ورجال دينهم؛ فلما تحوّلت الكنيسة إلى جامع تحوّلت قبور هؤلاء بعواطف الناس القديمة إلى قبور أنبياء. وقد ظهر مثل هذه الروايات التي تمجد الجامع الأموي في الوقت الذي تحصن فيه "ابن الزبير" بمكة، وتحزّب أهل الحجاز على الأمويين.

وقد اتخذ القحطانيون هودًا جدًّا من أجدادهم، وألحقوا نسبهم به، وتفاخروا به٤. فعلوا ذلك بدافع العصبية والمفاخرة على العدنايين الذين كانوا يقولون إن فيهم الأنبياء، ولم يكن في قحطان نبيّ، فأوجد نسّابوهم نسبًا يوصلهم إلى الأنبياء، كما أوجدوا لهم نسبًا احتكر لهم العروبة، وجعلهم الأصل والعدنانيون من الطارئين عليهم، كما سيأتي الحديث عن ذلك.


١ enc, vol, i, p, ٦٥٤, wensinck, p, ١٧٥.
٢ أخبار مكة، للأزرقي "١/ ٣٠ ما بعدها"، enc, vol ٢, p, ٣٢٧
٣ رحلة ابن بطوطة "١/ ٢٠٥"، "٢/ ٢٠٣" "طبعة باريس".
٤ "هود النبي، عليه السلام، المرسل إلى عاد المذكور في القرآن، هو أبو قحطان قحطان بن هود. قال حسان:
أبونا نبي الله هود بن عابر
وهو هود بن عابر بن أرفخشذ بن سام بن نوح النبي"، ابن خلدون "٢/ ٢٠"، نهاية الأرب "١٣/ ٥١"، ديوان النابغة مع شرحه للبطليوسي "ص٦٣ فما بعدها" التنبيه والإشراف ص٧١" "طبعة الصاوي".

<<  <  ج: ص:  >  >>