للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وكانوا يخطبون المرأة إلى أبيها أو أخيها أو عمها، أو بعض بني عمها. وكان يخطب الكفي إلى الكفي. فإن كان أحدهما أشف من الآخر في الحسب، أرغب له في المهر. وإن كان هجينًا خطب إلى هجين. فزوجه هجينة مثله. فيقول الخاطب إذا أتاهم: أنعموا صباحًا. ثم يقول: نحن أكفاؤكم ونظراؤكم. فإن زوجتمونا فقد أصبنا رغبة وأصبتموها. وكنا لصهركم حامدين. وإن رددتمونا لعلة نعرفها، رجعنا عاذرين. وإن كان قريب القرابة منه أو من قومه، قال لها أبوها أو أخوها، إذا حملت إليه: أيسرت وأذكرت ولا آنثت! جعل الله منك عددًا وعزًّا وجلدًا. أحسني خلقك وأكرمي زوجك. وليكن طيبك الماء. وإذا تزوجت في غربة قال لها: لا أيسرت ولا أذكرت، فإنك تدنين البعداء، وتلدين الأعداء. أحسني خلقك وتحببي إلى أحمائك. فإن لهم عليك عينًا ناظرة، وآذانًا سامعة. وليكن طيبك الماء"١.

والأصل في المهر عند الجاهليين دفعه للمرأة، غير أن ولي أمرها هو الذي يأخذه لينفق منه على ما يشتري لتأخذه المرأة معها إلى بيت الزوجية. وقد يأخذ ولي أمرها "المهر" لنفسه. ولا يعطي المرأة منه شيئًا، لاعتقاده أن ذلك حق يعود إليه. ولذلك نُهي عنه في الإسلام٢. وللمرأة حق استرداد مهرها إذا فسح الزوج عقد الزواج، أو إذا طلقها، إلا إذا كان ذلك بسبب الزنا فيسقط.

وإذا كان المهر مؤجلًا كلًّّّّّّّا أو بعضًا، فيكون دينًا في عنق الزوج، وإذا توفي وجب دفعه لامرأته من تركته.

وليس للمهر حدّ معلوم، لا حدّ أعلى ولا حدّ أدنى، بل يتوقف ذلك على الاتفاق. وتُراعى في ذلك الحالة المالية للرجل في الغالب. ولما كانت النقود قليلة في ذلك العهد، كان المهر عينًا في الأكثر، وتدخل فيه الأرض. وقد بلغ المهر مائة من الإبل أو خمسين ومائة بعض الأحيان٣. وقد كان بوزن من ذهب أو فضة في بعض الأحيان.

ويجوز للرجل استرداد مهره من تركة زوجه. إن ماتت في حياته، وله حق مطالبة أهلها بردّ مهرها إليه في حالة عدم وجود تركة لها.


١ المحبر "٣١٠ وما بعدها".
٢ {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} ، سورة النساء، الآية٤، الجصاص "٢/ ٥٧".
٣ الأغاني "٨/ ٧٨، ١٨٥"، الأمثال، للميداني "١/ ١١٠، ١٢٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>