للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس في زواج الشغار، مهر حقيقي؛ لأنه زواج مقايضة. وهو أن يزوّج الرجلُ وليّته في مقابل تزويجه وليّة من سيتزوج وليّته. فليس في هذا الزواج مهر بالمعنى المعروف.

وذكر أن أهل الجاهلية كانوا لا يعطون النساء من مهورهن شيئًا، وأن الرجل إذا زوّج ابنته استجعل لنفسه جعلًا يسمى "الحلوان"، وكانوا يسمون ذلك الشيء الذي يأخذه "النافجة" ويقولون للرجل: "بارك الله لك في النافجة"١.

وروي أن العرب كانت تقول في الجاهلية "للرجل إذا ولدت له بنت: هنيئًا لك النافجة، أي: المعظمة لمالك، وذلك أنه يزوجها فيأخذ مهرها من الإبل، فيضمها إلى إبله، فينفجها, أي: يرفعها ويكثرها"٢.

والحلوان أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو امرأة ما بمهر مسمى، على أن يُجعل له من المهر شيء مسمى، وكانت العرب تعير به. وقيل إن حلوان المرأة: مهرها ٣.

والصداق المهر، و"الصدقة" مهر المرأة، وقد ورد النهي في الحديث عن الغلو في صدق النساء٤، مما يدل على أن من الجاهليين من كان يبالغ في الصداق.

ويستخلص مما جاء في أخبار أهل الأخبار عن المهر أن أهل الجاهلية لم يكونوا على عرف واحد بالنسبة إلى حق الانتفاع من المهر، فمنهم من كان يعطيه كله للمرأة، ومنهم من كان يعطيه كله ويزيد عليه إكرامًا لابنته أو من ولي أمرها، ومنهم من كان يأكله كله أو بعضًا منه.

ويظهر من وثيقة معينية أن ملوك معين كانوا يصدرون أوامرهم بالموافقة على عقود الزواج على نحو ما تفعل الحكومات من إصدار وثائق عقود الزواج. ولكننا لا نملك وثيقة تثبت أن المرأة كانت تُكره على الزواج من شخص لا تريد التزوج منه. بل ليظهر أن المرأة كانت مثل الرجل عند المعينيين لها حق النظر في أمر اختيار الزوج٥.


١ اللسان "١١/ ٦٥٠"، "نحل".
٢ اللسان "٢/ ٣٨٢"، "نفج".
٣ اللسان "١٤/ ١٩٣".
٤ اللسان "١٠/ ١٩٧".
٥ Arabien, S. ١٣٢

<<  <  ج: ص:  >  >>