للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن تفتدي نفسها منه بفدية ترضيه١.

وقال "الطبري" في تفسير: {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} : "كانت الوراثة في أهل يثرب بالمدينة ههنا، فكان الرجل يموت فيرث ابنه امرأة أبيه كما يرث أمه لا يستطيع أن يمنع. فإن أحب أن يتخذها اتخذها كما كان أبوه يتخذها. وإن كره فارقها. وإن كان صغيرًا حبست عليه حتى يكبر فإن شاء أصابها وإن شاء فارقها، فذلك قول الله تبارك وتعالى: {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} ٢ وذكر "أن الرجل كان يرث امرأة ذي قرابته فيعضلها حتى تموت أو ترد إليه صداقها"، وورد عن "السدي" قوله: "إن الرجل في الجاهلية كان يموت أبوه أو أخوه أو ابنه، فإذا مات وترك امرأته، فإن سبق وارث الميت، فألقى عليها ثوبه، فهو أحق بها أن ينكحها بمهر صاحبه أو ينكحها فيأخذ مهرها، وإن سبقت فذهبت إلى أهلها فهم أحق بنفسها"٣.

وقال "الضحاك": "كانوا بالمدينة إذا مات حميم الرجل وترك امرأة ألقى الرجل عليها ثوبه فورث نكاحها وكان أحق بها، وكان ذلك عندهم نكاحًا، فإن شاء أمسكها حتى تفتدي منه. وكان هذا في الشرك"٤. وروي عن "ابن عباس" أنه قال: "كان الرجل إذا مات وترك جارية، ألقى عليها حميمه ثوبه فمنعها من الناس، فإن كانت جميلة تزوجها، وإن كانت قبيحة حبسها حتى تموت فيرثها"٥. فلهذا الظلم الفادح الذي كان ينزل بالمرأة بسبب ضعفها وبسبب عرف الجاهلية في الحق، منع ذلك في الإسلام.

قال "محمد بن حبيب": "وكان الرجل إذا مات، قام أكبر ولده فألقى ثوبه على امرأة أبيه. فورث نكاحها. فإن لم يكن له حاجة فيها، تزوجها بعض إخوته بمهر جديد"٦. ولكن أهل الأخبار لا يذكرون أن الإخوة يدفعون لها مهرًا جديدًا، فقد يكون هذا المهر الجديد الذي أشار "محمد بن حبيب" إليه، هو ترضية للابن الأكبر بسبب تنازله عن حقه الشرعي في امرأة أبيه إلى من له


١ تفسير الطبري "٤/ ٢٠٨ وما بعدها"، "٤/ ٢١٧".
٢ تفسير الطبري "٤/ ٢٠٨ وما بعدها".
٣ تفسير الطبري "٤/ ٢٠٨"
٤ تفسير الطبري "٤/ ٢٠٨"
٥ تفسير الطبري "٤/ ٢٠٩"
٦ المحبر "٣٢٥ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>