للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نص في الآية: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} ١ ونص في الآية: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} ٢، وذلك بسبب النسب والصهر والرضاع٢. ونزول الوحي بتحريم الزواج بالمذكورات، يبعث على الظن أن من الجاهليين من كان يتصل اتصالًا جنسيًّا بهن. غير أن من العلماء من يقول إن الجملة "إنشائية، وليس المقصود منها الإخبار عن التحريم في الزمان الماضي"٤، بمعنى أنها ليست حكاية عن تجويز الجاهليين الاقتران بالنساء المذكورات، وتحريم الإسلام له، وإنما الآية تقرير وتوضيح للتحريم والمحرمات على سبيل العدّ والحصر، لا الحكاية والإبطال لأحكام سابقة لظهور الإسلام٥.

وللآيتين شأن خاص بالقياس إلى بحثنا في زواج الجاهليين، ولهذا كان لشرح أسباب نزولهما والعوامل التي دعت إلى نزول الوحي بهما، والغاية من نزول الحكم بالتحريم، شأن كبير عند الباحث في هذا الموضوع، غير أن غالبية المفسرين لم تتعرض للبحث في هذه المسألة، ويا للأسف، وإنما تبسطت في أمور لغوية وفقهية لا تزيل الغموض عن الأسباب التي دعت إلى النص على التحريم، وعن آراء الجاهليين في الزواج بالمذكورات في الآية، إذ إن التحريم يعني وقوع الإباحة عند من حرم ذلك عليهم إلى حين نزول الوحي: ولا سيما أن المفسرين قد ذكروا أمثلة تشير إلى أن بعضهم قد تزوج ممن ورد ذكره في تلك الآية. ثم إن بعضه من النوع المعروف المألوف عند بعض الأمم، وما زال معروفًا حتى


١ النساء، الآية ٢٢ وما بعدها، تفسير الطبري "٤/ ٢١٩"، تفسير الألوسي "٤/ ٢٢٣".
٢ النساء، الآية ٢٢.
٣ تفسير القرطبي، الجامع لأحكام القرآن "٥/ ١٠٥ وما بعدها".
٤ روح المعاني "٤/ ٢٤٩ وما بعدها".
٥ عمدة القارئ "٢٠/ ١٠٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>