للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآن، وأن بعض ما حرم في الإسلام جائز في ديانات أخرى، ومنها اليهودية والنصرانية، فليس بغريب ولا بمعيب إذا كان موجودًا بعضه عند الجاهليين.

والاتصال الجنسي بين الأولاد والأمهات شيء قليل الوقوع عند البشر١.

ولم تبحه ديانة من الديانات، وهو غير معروف في العرب، ولم يشر إليه أهل الأخبار. أما ما ذكره "سترابون" فلعلّ المراد منه الزواج بزوجات الآباء بعد موتهم، أي: إنه ذكر الأمهات على سبيل التجوز، وهو زواج المقت الذي كان معروفًا في الجاهلية وعند غير الجاهليين، إلى أن نهى عنه الإسلام٢.

وأما زواج الأخوة بالأخوات، فهو معروف وثابت وما زال معروفًا حتى الآن في "سِيام" وفي بورما وسيلان وأوغندا وأماكن أخرى. وقد كان عند الفرس والمصريين٣، وخاصة بين أفراد الأسر المالكة والأشراف. والظاهر أن ذلك لاعتقادهم ضرورة المحافظة على نقاوة الدم وخصائص الأسرة. خاصة وقد كانت عقيدة القدماء أن تلك الطبقات مقدسة مؤلهة، فلا يجوز إهراق دمها في دم أوطأ منه.

وقد ذهب "موركن" "Morgan" وآخرون إلى أن زواج الأخ بأخته، هو الزواج المألوف العام الذي كان شائعًا بين البشر، وأنه المرحلة السابقة للزواج المألوف٤. أما زواج الآباء ببناتهم، فهو معروف ومذكور ولكنه قليل، وقد أشير إلى وجوده عند بعض الشعوب ومنهم المجوس والمصريون، ذكر ذلك اليونان والرومان، وأشار الأخباريون إلى تزوج "حاجب بن زُرارة" ابنته "دختنوس" لمجوسيته، وذكروا أنه أولدها، وأوردوا في ذلك شعرًا وقصصًا. ثم ذكروا أنه ندم بعد ذلك على عمله، وأنه فعل ذلك بتأثير المجوسية التي دان بها، وحاجب بن زرارة هو من تميم، فالمجوسية على زعم أهل الأخبار هي التي أباحت لحاجب الاقتران بابنته٥.


١ Ency, Relig, Vol, ٨, P.٤٢٥, ٤٦٧
٢ المصدر نفسه.
٣ كذلك.
٤ Ency, Relig, Vol, ٨, P.٤٦٧
٥ الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي "٥/ ١٠٤"، الأغاني "١٠/ ٣٨"، بلوغ الأرب "٢/ ٥٢، ٢٣٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>