للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يرجع زوجه إليه بعد الطلاق الثالث، ولكن بشرط أن تتزوج بعد وقوع الطلاق الثالث من رجل غريب، على أن يطلقها بعد اقترانها به، وعندئذ يجوز للزوج الأول أن يعود إليها بزوج جديد. ولذلك عرف الطلاق البائن: أنه الذي لا يملك الزوج فيه استرجاع المرأة إلا بعقد جديد. وقد ذكر في كتب الحديث ويقال في الإسلام للرجل الذي يتزوج المطلقة بهذا الطلاق ليحلها لزوجها القديم: "المحلل" ويقال لفاعله: "التيس المستعار" و"المجحش". وهو حل مذموم عند الجاهليين ومحرم في الإسلام١. لم يعمل به إلا بعض الجهلاء من الناس، ممن ليست لهم سيطرة على أنفسهم، بل يعملون أعمالًا ثم يندمون على ما فعلوه.

وهناك نوع آخر من الطلاق يسميه أهل الأخبار بـ"الظهار". ذكروا أنه إنما دعي ظهارًا من تشبيه الرجل زوجته أو ما يعبر به عنها أو جزء شائع بمحرم عليه تأييدًا، كأن يقول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي أو كبطنها، أو كفخذها أو كفرجها، أو كظهر أختي أو عمتي، وما شابه ذلك٢، فيقع بذلك الظهار. وقد أشير إليه في القرآن الكريم: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} ٣. وهو طلاق يظهر أنه كان شائعًا فاشيًا بين الجاهليين، سبب انتشاره التسرع، والتهور، وعدم ضبط النفس، والانفعالات العاطفية.


١ "لعن الله المحلل والمحلل له"، النهاية "١/ ٢٨٨"، عمدة القارئ "٢٠/ ٢٣٦"، المبسوط، للسرخسي "٥/ ٢ وما بعدها"، السنن الكبرى "٧/ ٢٠٧ وما بعدها"، "إنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ هو المحلل. ثم قال: لعن الله المحلل والمحلل له، والحديث المذكور رواه الدارقطني. قيل: إنما لعنه النبي -صلى الله عليه وسلم- مع حصول التحليل؛ لأن التماس ذلك هتك للمروءة والملتمس ذلك، هو المحلل له. وإعادة التيس للوطء لغرض الغير أيضًا رذيلة. ولذلك شبه بالتيس المستعار"، الدميري، حياة الحيوان "١/ ١٦٦"، "التيس" عمدة القارئ "٢/ ٢٣٦"، وفي حديث ابن مسعود فيمن طلق امرأته ثماني تطليقات، اللسان "١٣/ ٦٤"، "بين".
٢ المفردات "٢٢٠"، الإصابة "١/ ٨٥"، الجصاص "٣/ ٤١٧"، عمدة القارئ "٢/ ٢٨٠"، المبسوط، للسرخسي "٦/ ٢٢٣"، تفسير الطبري "٢١/ ١٢١"، "الطبعة الثانية ١٩٥١"، تفسير الطبرسي "٢١/ ٩٦"، بيروت".
٣ المجادلة، الآية ٢ وما بعدها، الكشاف، للزمخشري "٤/ ٤٢٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>