للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"السجستاني"، فجعل عمره خمسمائة سنة وستين. وهو عدد أخذ من عمر النسور المذكورة؛ إذ عاش كل نسر ثمانين عامًا، والعدد المذكور هو مجموعة عمر تلك النسور السبعة. غير أن من الأخباريين من أعطاه عمرًا قدّره بثلاثة آلاف وخمسمائة سنة١. وهو عمر يؤهله ولا شك لأن يكون في عِدَاد المُعَمَّرين.

وقد ورد اسم لقمان على أنه اسم خمّار في شعر منسوب للنابغة حيث يقول:

كأن مشعشًعا من خمر بصرى ... نمته البخت مشدود الخيام

حملن قلاله من بين رأس ... إلى لقمان في سوق مقام٢

وجعلوا للقمان نسبًا هو "لقمان بن عاد"٣، وصيّروه "لقمان بن ناحور بن تارخ"، وهو "آزر" أبو "إبراهيم"٤. وقال بعضهم: بل هو ابن أخت "أيوب"، أو ابن خالته، وجعله آخرون من حمير، فقالوا له: "لقمان الحميري"٥، وصيّره آخرون قاضيًا من قضاة "بني إسرائيل"٦. وقد اشتهر عند المسلمين بالقضاء، ويظهر أن هذا السبب هو الذي جعل الواقدي يقول: إنه كان قاضيا في بني إسرائيل. ولم يفطن الأخباريون إلى هذه الأخبار المتناقضة التي تخالف روياتهم في عاد، وأنها من أمم العرب البائدة، إلا إذا جعلناه من الطائرين على قوم عاد الداخلين فيهم، فهو غريب بين قوم عاد.

ويظهر من روايات أهل الأخبار، أن الأخباريين كانوا يرون وجود لقمان آخر، هو غير لقمان عاد. فقد زعموا أنه كان في عهد "داود" لقمان، عُرف بـ "لقمان الحكيم". وقد نسبه بعضهم على هذا النحو: "لقمان بن عنقاد"، وقد زعم "المسعودي"، أنه كان نوبيًّا، وأنه كان مولى للقين بن جسر، ولد على عشر سنين من ملك داود، وكان عبدًا صالحًا، منّ الله عليه بالحكمة، ولم يزل باقيًا في الأرض مظهرًا للحكمة في هذا العالم إلى


١ المعمرون "ص٤" طبعة عبد المنعم عامر"؟
٢ البكري، معجم "٣/ ١١٦١".
٣ منتخبات "ص٩٥ فما بعدها"، نهاية الأرب "١٣/ ٦٠"، البيان والتبيين "٣/ ١٧٤".
٤ قصص الأنبياء، للثعالبي، "ص٢٠٥".
٥ منتخبات "ص٩٥ فما بعدها".
٦ قصص الأنبياء "ص٢٠٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>