للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يباع فترد القيمة من ثمنه. وكان على السارق أن يدفع أحيانًا سبعة أضعاف ما سرق. وقد أمرت برد الأشياء المأخوذة عن طريق الخيانة والغش أو اللقطة أو المغتصبة مع زيادة الخمس على قيمتها١.

ويدخل في باب السرقة في الشريعة الموسوية السطو ليلًا على البيوت، وإزالة علامات الحدود لاغتصاب ملك مجاور لزيادة ملك المغتصب، والتلاعب في الكيل وفي الميزان والأبعاد أي: القياسات والدخول عنوة في ملك شخص لا يملك حق دخول ملكه وإحراق ملك الغير، وقد قررت الشريعة المذكورة معاقبة المعتدي في هذه الحالات بإصلاح الضرر وبدفع تعويض مناسب٢.

والسارق عند العرب من جاء مستترًا إلى حرز فأخذ منه ما ليس له، فإن أخذ من ظاهر فهو مختلس ومستلب ومنتهب ومحترس، فإن مَنَع مما في يديه فهو غاصب٣. والسرقة عيب عند الجاهليين، أما الاستيلاء على مال الغير عنوة، أي: باستعمال القوة، فلا يعد سرقة، بل هو اغتصاب وانتهاب إذا كان في داخل القبيلة، أما إذا كان اغتصاب مال شخص من قبيلة أخرى ليس لها حلف ولا جوار ولا عقد مع قبيلة المغتصب، فيعد مغنمًا ومالًا حلالًا. ولا يرى المغتصب فيه أي دناءة، بل قد يعدّ ذلك شجاعة وفخرًا؛ لأنه أخذه عن قوة وجدارة, وعلى صاحب الحق أخذ حقه بنفسه، أو بمساعدة أهله أو أبناء عشيرته.

أما بالنسبة إلى شريعة الجاهليين في معاقبة السارق، فليست لدينا فكرة واضحة عنها وبالنسبة إلى عقوبته عند جميع الجاهليين. أما أهل مكة، وهم من قريش, فقد كانوا يعاقبون السارق بقطع يده. ويظهر من روايات الأخباريين أن هذه العقوبة سنت في وقت لم يكن بعيد عهد عن الإسلام، إذ يذكرون أن أول من سنها هو "عبد المطلب"٤. ومنهم من يرجع سنها إلى "الوليد بن المغيرة"، فيقولون: إنه أول من قطع يد السارق، فصار عمله هذا سنة في معاقبة السرقة، وقطع رسول الله في الإسلام٥. وروي أن أول سارق قطعه رسول الله في الإسلام


١ قاموس الكتاب المقدس "١/ ٥٥٦".
٢ Hastings, P.١٦٧
٣ اللسان "١٠/ ١٥٦" "صادر".
٤ ابن رسته، الأعلاق "١٩١".
٥ تفسير الطبري "٦/ ١٤٨ وما بعدها"، تفسير القرطبي "٦/ ١٦٠"، المعارف "٢٤٠"، صبح الأعشى "١/ ٤٣٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>