للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجاهليين أيضًا، ولا تزال معروفة في العرف القبلي. فيدفع السارق أربعة أمثال المسروق عند أكثر العشائر العراقية في الزمن الحاضر، ويسمون ذلك "المربعة". وهي في الواقع من بقايا العرف الجاهلي في السرقة. وقد جعل القانون الروماني عقوبة السرقة المكشوفة، أي: السرقة التي يمسك فيها صاحبها وهو في حال السرقة أربعة أمثال المسروق، رقيقًا كان السارق أو حرًّا، أما السرقة المستورة، وهي السرقة التي يعثر عليها عند السارق، فجزاؤها المثلان١.

وإذا أنكر السارق السرقة وأصر على إنكاره، ولم يتمكن المسروق من إثبات وقوع السرقة منه، ولكنه يرى مع ذلك أنه هو السارق، فعلى المسروق أن يطالب السارق بأداء يمين يقسم فيه أنه لم يسرقه وأنه لا يعرف بها، فإذا أنكر ولم يرض بالقسم، فعليه دفع المسروق أو قيمته على وفق العرف. والعرب يخشون من اليمين كثيرًا، حتى إنهم إذا جوبهوا به، فإنهم يفضلون الاعتراف بالسرقة والإقرار بها على أداء اليمين.

ويعبر عن السارق بلفظة أخرى، هي "اللص" والمصدر اللصوصية. وزعم بعض علماء اللغة أن كلمة "لص" هي بلغة طيء وبعض الأنصار٢. ويرى بعض المستشرقين أنها من الألفاظ المعربة عن اليونانية، من أصل Liatis، أي: "لص" في لغة الإغريق. وقد أخذها الجاهليون عن طريق اتصالهم بالروم في بلاد الشأم، حيث كانوا يقبضون على من كان يغير على الحدود وعلى القوافل بقصد السرقة والسلب، فيسمونهم Liatis ويعاقبونهم عقوبة صارمة، فأخذ الجاهليون هذا المصطلح منهم٣.

ويعبر عن أخذ المال المسروق والحصول عليه وديعة أو شراء مع علم المستلم له أنه مسروق بـ"دشش" في لغة المسند٤.

وأما النهب، فأخذ مال الغير، وذلك بالغارات، أو باعتراض الناس في السبل والطرق٥. وأما السلب، فهو ما يستلبه الإنسان من إنسان آخر، في مثل


١ مدونة جوستنيان "ص٢٤٦ وما بعدها".
٢ اللسان "٧/ ٨٧".
٣ غرائب اللغة "ص٢٦٨".
٤ Mahram, P.٤٣١
٥ اللسان "١/ ٧٧٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>