للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم ترد لفظة "الرحمن" إلا مفرده، فليس لها جمع؛ لأنها تعبير عن توحيد، وليس في التوحيد تعدد، فالتعدد شرك. على عكس لفظة "رب"، التي تؤدي معنى "إله"، وهي تعبير عن اعتقاد، لا اسم علم لإله، ولذلك وردت لفظة "أرباب" بمعنى آلهة تعبيرًا عن تعدد الآلهة، وهو الشرك. وقد كان الجاهليون يقولون: ربي وربك وربنا وأربابنا، كما يقولون إلهي وإلاهك وآلهتنا١.

وقد تكون كلمة "هـ رحم" "هارحيم"، أي "الرحيم" الواردة في النصوص الصفوية٢ وفي النصوص السبئية اسم إله٣، وقد تكون صفة من صفات الآلهة على نحو ما تؤديه كلمة "الرحيم" من معنى في الإسلام.

وللعلماء آراء في ظهور عبادة الشرك. ورأي رجال الدين منهم، أن الناس كانوا أمة واحدة في الدين، كانوا على التوحيد جميعًا، ثم ضلوا فعبدوا جملة آلهة وصاروا مشركين٤. أما غيرهم من العلماء الذين يستندون إلى الملاحظات ودراسة أحوال القبائل البدائية وعلى فروع العلوم الأخرى المساعدة مثل علم النفس وعلم الاجتماع، فيرون أن عقيدة التوحيد ظهرت متأخرة بالنسبة إلى ظهور الوثنية والشرك ظهرت بعد أن توسعت مدارك الإنسان، فشعر أن ما كان يتصوره من وجود قوى روحانية عليا في الأشياء التي عبدها لم يكن سوى وهم وخداع، وصار يقتصد في الشرك، إلى أن اهتدى إلى عبادة إله واحد.


١
هناك ربك ما أعطاك من حسن ... وحيثما يك أمر صالح فكن
شرح ديوان زهير "١٢٣".
٢ Handbuch, I, S. ٢٤٨, Vogue, Syrie Centrale, Inscriptions Semitlqyes, Paris, ١٨٦٨-١٨٧٧, p. ١٤٢, No. ٤٠٢, Dussuad, Voyage Archeologique au Safa, Pareis, ١٩٠١, No. ٢٥٨, Mission, p. ٨٨, Les Arabes en Syrie, p. ١٥٢.
٣ CIS, ٤, ٢, No. ٤٠. p. ٦٣, Grahmann, S. ٢٤٦.
٤ Ency. Religi, ١٠, p. ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>