سياسة وعوامل تأريخية واجتماعية واقتصادية وعوامل أخرى، كل هذه أثرت في شكل الشرك وفي تعدد الآلهة وفي كيفية تصور الناس لآلهتهم. ولا يعني هذا أنها أثرت كلها مجتمعة وفي آن واحد، إنما يعني أن ظهور الشرك وشكله هو نتيجة عوامل متعددة وأسباب مختلفة أثرت في ظهوره وفي تكوين صورة الآلهة في نظر المؤمنين بها المتعبدين لها.
وإنا لنجد وجهة نظر الشعوب عن الآلهة أو الإله تختلف باختلاف ثقافتها ومستواها الاجتماعي، وللوضع السياسي دخل كبير في الشرك وفي عدد الآلهة وفي شكل الدين. لقد كان لكل قبيلة إله خاص بتلك القبيلة يحميها من الأعداء ومن المكاره، ويدافع عنها في الحروب والملمات، ويعطيها النصر. كما كان للقرى والمدن آلهتها الخاصة بها. فإذا تحالفت القبائل أو القرى أو المدن تحالفت آلهتها معها، وكونت حلفًا وصداقة متينة بينها. أما إذا تحاربت هذه القبائل أو القرى أو المدن، فيكون لهذه الحرب أثر كبير في مستقبل الآلهة وفي عددها. فقد ينصرف المغلوبون عن آلهتهم إلى عبادة آلهة أخرى؛ لأنها أصبحت ضعيفة لا قدرة لها على الدفاع عن عبدتها. وقد يتأثر الغالبون بعبادة المغلوبين الذين خضعوا لهم، فيضيفون آلهة المغلوبين إلى آلهتهم، فيزيد بذلك عدد الآلهة، ولا سيما إذا كان المغلوبون أصحاب ثقافة عالية، وكان لهم أدب وفن.
والعادة أن آلهة القبائل أو المدن الرئيسية تكون هي الآلهة الرئيسية للحلف أو في المملكة. ويكون إله القبيلة ذات النفوذ أو العاصمة عندئذ، هو إله الحكومة الكبير. أما الآلهة الأخرى، فتكون دونه في المنزلة، ولهذا يرد اسمها في الغالب بعد اسم الإله الكبير.
كذلك يجب ألا ننسى عامل الجوار والاتصال الثقافي في ظهور الشرك، فكثيرًا ما يؤدي هذا الاتصال إلى اقتباس آلهة المجاورين وإضافتها إلى مجموعة الآلهة عند ذلك الشعب، فيزيد بذلك عدد الآلهة أو ينقص فقد تطغى الآلهة الجديدة المقتبسة على الآلهة القديمة، ويقل شأن بعضها فيهمل، ثم يموت اسمها. وقد يحدث ذلك بطريق الحرب أيضًا، كما ذكرت، فيتغير العدد بذلك.
ولرجال الدين ولسادات القبائل وللأمراء وللملوك أثر في ظهور الشرك. كان في إمكانهم إقرار مستقبل الآلهة بإضافة آلهة جديدة على الآلهة القديمة، أو بإبعاد