للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إله أو آلهة عند عبادة قومهم، فيزيد أو ينقص بذلك عدد الآلهة. وقد كان سادات القبائل والوجوه يغيرون عبادة أتباعهم بإدخال عبادة إله جديد، يأخذونه من زيارتهم لبلد غريب، كأن يكون أحدهم قد أصيب بمرض وهو في ذلك البلد، فيشار عليه بالتعبد وبالتقرب لإله ذلك البلد أو لأحد آلهته، فيصادف أن يشفى، فيظن أنه شفي ببركة ذلك الإله وبقدرته وقوته، فيتقرب له ويتعبد له، فإذا أعاد حمل عبادته إلى أتباعه، فيعبد عندهم. ويضاف على آلهتهم، ويصير أحدهم وقد يطغى اسمه عليها، وذلك حسب درجة تعلق سيد القبيلة به، وحسب درجة ومكانة سيد القبيلة بين الناس. وتأريخ الجاهلية مليء بحوادث تبديل آلهة بسبب تبديل سادات القبائل ووجوه الناس لعقائدهم ولآلهتهم، فتدخل القبيلة كلها في العبادة الجديدة. وقد كان إسلام قبائل برمتها، بسبب دخول سيدها في الإسلام، فالناس تبع لساداتهم ولقادتهم، و"الناس على دين ملوكهم" كما هو معروف ومشهور في أقوال العرب.

ومعظم أسماء الآلهة صفات للآلهة لا اسم علم لها، فود ورضى والمقه وذات حميم وأمثالها، هي صفات في الأصل، مضى عليها الزمن، فاستعملت استعمال الأسماء الأعلام. وظن أنها آلهة قائمة بذاتها فلما جاء الباحثون وجمعوها حسبوها أسماء آلهة، فزاد بذلك عدد الآلهة، واعتبرت الأسماء الكثيرة من سيماء الإفراط في الشرك. بينما هي صفات لإله، أو آلهة لا يزيد عددها على ثلاثة، هي الثالوث الكواكبي المقدس الذي تعبدوا له.

ولا بد لنا من الإشارة إلى اصطلاح أطلقه "ماكس مولر" Max Miiler على مرحلة من العبادة هي بين بين، لا هي توحيد Monotheism ولا هي شرك Polytheism، بل هي مرحلة تعبد فيها الإنسان على رأي هذا الباحث إلى إله واحد هو إله القبيلة، مع الاعتقاد بوجود آلهة أخرى١. وهذا الاصطلاح هو henotheismus. وقد رأى "فلايدلر" Pfleidler أن الساميين لم يكونوا موحدين بطبعهم كما ذهب "رينان" إلى ذلك، بل كانوا يدينون بإله قومي، ومن هذه العقيدة ظهر التوحيد الخالص كما حدث عند الإسرائيليين٢.


١ Max Muller, Varlesungen uber den Ursprung und die entwickiung der Religion, ١٨٨٠, Schmidt, S. ٢٦١.
٢ Ency. Religi, ١٠, p. ٨١١, Pfleiler, Phflosophy of Religion, London, ١٨٨٥-١٨٨٨, III, p. ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>