للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آلهة القبيلة كلها، فأسرها معناه في عرفهم أسر القبيلة كلها، فأسر الآلهة شيء كبير بالنسبة إلى القبيلة. وقد أشرت إلى استيلاء الآشوريين على أصنام قبائل "عربي" التي حاربتهم، وإلى أخذها أسيرة إلى أرض آشور، وإلى مفاوضة الأعراب معهم على الصلح في مقابل إعادة تلك الأصنام إليهم. فلما أعيدت الأصنام إلى أصحابها، كتب الآشوريون عليها كتابة تخبر بوقوعها في الأسر، وبانتصار آلهة آشور عليها؛ لتكون نذيرًا للمؤمنين بها، يحذرهم من حرب ثانية توقع هذه الأصنام في أسد جديد.

وقد أشير إلى "خيل اللات" في مقابل "خيل محمد"، في شعر لأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، إذ قال:

لعمرك إني يوم أحمل راية ... لتغلب خيل الله خيل محمد١

ومن أمثلة العرب: "لا تفر حتى تفر القبة"، أو" لا نفر حتى تفر القبة"٢. ويراد بالقبة: قبة الصنم، أي خيمة الصنم التي تحمل مع المحاربين وتضرب في ساحة القتال؛ ليطوف حولها المحاربون يستمدون منها العون والنصر. كما كانوا يستشيرون الأصنام عند القتال، ويأخذون برأيها فيما تأمر به.

وحمل الأصنام مع القبيلة في ترحالها وفي حروبها وغزواتها يستلزم بذل عناية خاصة بها للمحافظة عليها من الكسر ومن تعرضها لأي سوء كان. وعند نزول القبيلة في موضع ما توضع الأصنام في سمتها، وهي خيمة تقوم مقام المعبد الثابت عند أهل المدر. وتكون للخيمة بسبب ذلك قدسية خاصة، وللموضع الذي تثبت عليه حرمة ما دامت الخيمة فوقه، وقد كانت معابد القبائل المتنقلة كلها في الأصل على هذا الطراز. ولم يكن من السهل على أهل الوبر تغيير طراز هذا المعبد، واتخاذ معبد ثابت؛ لخروج ذلك على سنن الآباء والأجداد. ولذلك لم يرض العبرانيون عن المعبد الثابت الذي أقامه سليمان، لما فيه من نبذ للخيمة المقدسة التي كانت المعبد القديم لهم وهم في حالة تنقل من مكان إلى مكان.

واعتقاد القبائل أن أصنامها هي التي تجلب لها النصر والخسارة، كان يؤدي في بعض الأحيان إلى الإعراض عن الصنم المحبوب ونبذه، نتيجة لانهزام القبيلة،


١ الإصابة "٤/ ٩٠"، "رقم ٥٣٨".
٢ المشرق، السنة ١٩٣٨م، "الجزء الأول"، ص١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>