للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بناتًا وبنين وشركاء الجن١. فقريش إذن وفق هذه الآيات قوم، كانوا يؤمنون بإله عزيز عليهم، ومن آيات ذلك أنهم جعلوا له نصيبًا في أموالهم، مع أن المال من أعز الأشياء على الإنسان، لا سيما بالنسبة لتلك الأيام.

وفي تلبية الجاهليين المنصوص عليها في كتب أهل الأخبار اعتراف صريح واضح بوجود إله. كانوا يلبون بقولهم: "لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك، إلا شريك هو لك. تملكه وما ملك، يعنون بالشريك الصنم، يريدون أن الصنم وما يملكه ويختص به من الآلات التي تكون عنده وحوله والنذور التي كانوا يتقربون بها إليه كلها ملك لله عز وجل"٢ فذلك معنى قولهم: تملكه وما ملك. فهم يعترفون ويقرون بوجود الله، لكنهم يتقربون إليه بالأصنام. وهذا هو الشرك.

وفي دعاء العرب اعتراف بوجود "الله"، فقولهم: "رماه الله بما يقبض عصبه"، و"قمقم الله عصبه"، و"لا ترك الله له هاربًا ولا قاربًا"، و"شتت الله شعبه"، و"مسح الله فاه"، و"رماه الله بالذبحة"، و"رماه الله بالطسأة"، و"سقاه الله الذيغان"، و"جعل الله رزقه فوت فمه"، و"رماه في نيطه"، و"قطع الله به السبب"، و"قطع الله لهجته"، و"مد الله أثره"، و"جعل الله عليها راكبًا قليل الحداجة"، و"لا أهدى الله له عافية"، و"أثل الله ثلله"، و"حته الله حت البرمة"، و"رماه الله بالطلاطلة"، و"رماه الله بالقصمل"، و"ألزق الله به الحوبة"، و"لحاه الله كما يُلحى العود"، و"اقتثمه الله إليه"، و"ابتاضه الله"، إلى آخر ذلك من دعاء يدل على وجود إيمان بخالق هو الله٣.

وفي الشعر المنسوب إلى الجاهليين اعتقاد بوجود الله، واتقاء منه، وتقرب إليه باحترام الجوار وقرى الضيف. هذا عمرو بن شأس يقول في شعره:


١ الأنعام، الآية ١٠٠.
٢ اللسان "١٠/ ٤٥٠"، "شرك".
٣ راجع بقيته في ذيل الأمالي والنوادر "ص٥٧ وما بعدها"، "عود إلى بحث دعاء العرب".

<<  <  ج: ص:  >  >>