للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأن يذهب به إلى الصنم ود ليسقيه، فكان مالك يشربه سرًّا ويبخل به على صنمه١. وإذا صح خبر ابن الكلبي هذا، فإنه يدل على "حارثة"، وربما غيره أيضًا من عبدة الأصنام، كان يرى أن الصنم يعقل ويدرك، يسمع ويرى، وأنه وإن كان من حجر، إلا أنه ذو روح. كما ورد أن من المشركين من كان يرى أن الشمس ملك من الملائكة ذات نفس وعقل٢.

ويتبين من تشديد النبي في تسوية القبور مع الأرض، ومن لعن المتخذين على القبور المساجد والسُرُج، ومن النهي عن الصلاة إلى القبور، ومن حديث: "اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"٣، إن المشركين كانوا يقدسون قبور اسلافهم، ويتقربون إليها، لزعمهم أنهم أحياء، لهم أرواح، تعي وتسمع وتدرك، وتفرح تغضب وتجيب، وتنفع وتضر، ولهذا حاربها الرسول، وأمر بتسوية القبور، إبعادًّا عن أمر الجاهلية في ذلك، وخشية العودة إلى ما كانت عليه: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ٤، تعبير عن معنى هذه المشاركة وعن رأيهم في عبادة الأصنام.


١ بلوغ الأرب "٢/ ٢١٤".
٢ بلوغ الأرب "٢/ ٢١٥".
٣ بلوغ الأرب "٢/ ٢١٤".
٤ الزمر، الرقم ٢٩، الآية ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>