ومن القرابين ما يقدم في أوقات معينة موقوتة، ومنها ما ليس له وقت محدد ثابت بل يقدم في كل وقت. ومن أمثلة النوع الأول ما يقدم في الأعياد أو في المواسم أو في الأشهر أو في أوقات معينة من اليوم وفي ساعات العبادات، ومن أمثلة النوع الثاني ما يقدم عند ميلاد مولود، أو إنشاء بناء أو القيام بحملة عسكرية أو لنصر وما شابه ذلك من أحوال. ويدخل في النوع الأول الاحتفاء بأعياد الآلهة، حيث تُكسى أصنامها أحسن الحلل، وتزين بأجمل زينة، ثم يوضع أمامها ما لنَّ من الطعام وما حسن من الهدايا، وتذبح لها الذبائح، تذبح على الأنصاب، ويأتي الكهان ليقوموا بتأدية الشعائر الدينية المقررة في هذه الأحوال.
ومعظم نصوص المسند كتابات دونت عند تقديم قربان أو نذر إلى الآلهة في ميلاد مولود، أو شفاء مريض، أو بناء معبد أو بيت، أو حفر خندق أو تشييد برج أو سور، أو حفر بئر أو زواج وما شاكل ذلك. ويظهر منها أن الناس في ذلك العهد كانوا يقدمون القرابين إلى آلهتهم في مناسبات كثيرة؛ تقربًا إليها وإرضاء لها، ولكي تمن على أصحابها بالخير والبركة.
وقد استعملت نصوص المسند لفظة "ذبح"، و"ذبحم" بمعنى "ذبحوا" و"ذبح" و"ذبيحة" و"ذبائح". وقد تسبق بكلمة "يوم"، فتكون "يوم ذبح"، أي "يوم ذبحوا"، ثم يذكر بعدها عدد ما ذبح ونوعه، ثم كلمة "أذبح" بمعنى "ذبائح" في بعض الأحيان. والذبائح التي تقدم إلى الآلهة هي الإبل والبقر والثيران والغنم والمعز، وهي أكثر الحيوانات شيوعًا في الذبح عند الشعوب السامية الأخرى. ولم نجد في نصوص المسند ذكرًا لحيوانات أخرى كالأسماك أو الدجاج مثلًا، ولعل ذلك بسبب ضآلة قيمتها وتفاهتها بالقياس إلى أثمان الحيوانات الأخرى، مما جعل الناس يأنفون من الإشارة إليها في النصوص.
وفي بعض الأديان حرق الذبائح وسكب دمائها على الناس كما يفعل العبرانيون؛ إذ اتخذوا مذبحًا للمحروقات. ويسمى أيضًا بمذبح النحاس. وكانت ناره لا تطفأ، وتقدم إليه الذبائح على الدوام، ويعرف ذلك عندهم بـ"عولاه" Olah، وتفسير الكلمة الشيء الذي يعلو١.
وينفي "ولهوزن" وجود المحارق عند الجاهليين، وعنده أن العرب لم يكونوا