للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك قيل لمن انصرف إلى التعبد: الناسك١.

وقد فسر علماء التفسير لفظة "نسك" الواردة في الآية: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ٢، بذبح ذبيحة شاة أو ما فوق ذلك٣.

والعرف في الذبح عندهم، أنهم كانوا يسوقون ما يريدون تعتاره أي ذبحه إلى النصب الخاص بالصنم أو إلى الصنم نفسه، ثم يذبحونه بعد التسمية باسم ذلك الصنم، وبيان السبب في ذبح هذه العتيرة، ثم يلطخ رأس الصنم بشيء من دم تلك العتيرة٤. وقد منع المسلمون من أكل ذبائح المشركين؛ لأنها مما أُهلَّ لغير الله، ولأن المشركين لم يكونوا يذكرون اسم الله عليها، بل كانوا يذكرون اسم الصنم الذي يذبحون له عليها. فحرم ذبائح المشركين لذلك على المسلمين٥.

وقد أبطل الإسلام "الرجبية" وهي العتيرة، كما أبطل "الفرع"، وهو ذبح أول نتائج الإبل والغنم لأصنامها، فكانوا يأكلونه ويلقون جلده على الشجر. ويذكر أنهم كانوا إذا أرادوا ذبح الفرع زينوه وألبسوه٦؛ ليكون ذلك أوكد في نفوس الآلهة، وتعريفًا للناس. وكانوا يفعلون ذلك تبركًا. وفي الحديث: لا فرع ولا عتيرة٧.

وذكر أنهم كانوا إذا بلغت الإبل ما يتمناه صاحبها ذبحوا، أو إذا تمت إبل أحدهم مائة عتر عنها بعيرًا كل عام فأطعمه الناس ولا يذوقه هو ولا أهله، قيل بل قدم بكره فنحره لصنمه. وقد كان المسلمون يفعلون في صدر الإسلام ثم نخ٨. وذكروا أن العتيرة الذبيحة التي كانت تذبح للأصنام ويصب دمها على رأسها٩. و"العتر" الصنم الذي يصاب رأسه من دم العتر. قال زهير:

فزل عنها وأوفى رأس مرقبة ... كناصب العتر دمى رأسه النسك١٠


١ تاج العروس "٧/ ١٨٦ وما بعدها"، "نسك"، اللسان "١٢/ ٣٨٩"، "نسك"
٢ البقرة، الآية ١٩٦.
٣ تفسير الطبري "٢/ ١٣٤ وما بعدها".
٤ ديوان زهير، للأعلم الشمنتري "٤٦".
٥ تفسير الطبري "٨/ ١٢" وما بعدها" سورة الأنعام، الرقم ٦، الآية ١١٨ وما بعدها.
٦ بلوغ الأرب "٣/ ٤٠ وما بعدها".
٧ تاج العروس "٥/ ٤٤٩".
٨ تاج العروس "٥/ ٤٤٩".
٩ اللسان "٤/ ٥٣٧"، "عتر"، المرزوقي، الأزمنة والأمكنة "١/ ٢٧٨".
١٠ اللسان "٤/ ٥٣٧"، "عتر".

<<  <  ج: ص:  >  >>