للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسرحه لا ينتفع به١. وكان من عاداتهم إذا بلغ إبلهم المائة، ترك ركوب ظهر بعير منها، فلا يركب ولا ينتفع به، ويقولون لذلك: الأخلاق٢.

وكانوا يتصدقون بمائة من الإبل على الفقراء والمحتاجين والمعابد، وما شاكل ذلك. روي أن "حنيفة" النعم، وهو من أثرياء الجاهلية، لما شعر بدنو أجله، جمع بنيه، ثم أوصى بمائة من إبله على يتيمه صدقة. وكانوا يسمونها "المطيبة"٣.

وقد عرف ما كان يحبسه أهل الجاهلية على أصنامهم من السوائب والبحائر والحوامي وغيرها بـ"الحبس" وقد أطلق الإسلام ما حبسوا وحلل ما حرموا، وهو جمع حبيس٤.

وكانت لهم مكرمات. فعلوها في الجاهلية عن خلق ودين ورغبة في شهرة وسمعة. منها أنهم كانوا يتصدقون بأموالهم على أبناء السبيل وعلى الفقراء والمحتاجين ذكر أن "الأسود بن ربيعة بن أبي الأسود" اليشكري، قال لرسول الله: "يا رسول الله إن أبي كان تصدق بمالٍ من ماله على ابن السبيل في الجاهلية، فإن تكن لي مكرمة تركتها، وإن لا تكن لي مكرمة، فأنا أحق بها: فقال: بل هي لك مكرمة فتقبلها". وذكر أن رسول الله قال: "ألا إن كل مكرمة كانت في الجاهلية، فقد جعلتها تحت قدمي، إلا السقاية والسدانة"٥. وهذه المكرمات هي من مآثر العرب في الجاهلية، مكارمها وتفاخرها التي تؤثر عنها٦.

وتحريم أكل لحوم الحيوانات في مثل هذه الحالات على النساء وتخصيصه بالرجال، وجوازه في حالات أخرى، ثم تحريم الانتفاع من لبنها على النساء في بعض الحالات وعلى الرجال والنساء في حالات أخرى إلا الضيوف وعلى جواز ركوبها: كل هذه تشير إلى أنها من شريعة قديمة. وقد رجع بعض العلماء ذلك إلى الطوطمية، غير أن من العسير قبول هذا التفسير:

وقد كان الجزارون المجازون شرعًا يقومون بذبح الذبائح عند العبرانيين، وهم


١ تاج العروس "١/ ٩٧"، "فقأ"، "٣/ ٤٢٨"، "عور".
٢ Reste, s. ١١٤.
٣ الاستيعاب "١/ ٣٩٥ وما بعدها"، "حاشية على الإصابة".
٤ تاج العروس "٤/ ١٢٥"، "حبس".
٥ الإصابة "١/ ٥٩"، "رقم ١٥٨".
٦ تاج العروس "٣/ ٥"، "أثر".

<<  <  ج: ص:  >  >>